كان وقع إعلان كتلة نداء تونس المفاجئ بتغيير موقفها حول مسألة منحها الثقة لوزير الداخلية هشام الفوراتي الذي اقترحه رئيس الحكومة يوسف الشاهد لسد الشغور بعد شهر ونصف من إقالة الوزير السابق لطفي براهم مدوّيا، لاسيما وأن جل تصريحات نواب الكتلة الموالين للمدير التنفيذي للنداء حافظ قائد السبسي أكدت أن الكتلة لن تمنح الثقة لوزير الشاهد. وكانت كتلة نداء تونس قد اجتمعت السبت بالمدير التنفيذي للحزب و أعلنت عقب الاجتماع أنها ستصوت ضد منح الثقة لوزير الشاهد، فيما أكد النواب المحسوبون على الشاهد أنهم سيمنحونه الثقة . و في لمح البصر، انقلبت الموازين حيث أعلن رئيس كتلة النداء سفيان طوبال على هامش جلسة منح الثقة لوزير الداخلية المقترح سويعات قليلة قبل عملية التصويت ، أن الكتلة ستصوت مع منح الثقة للفوراتي. وكشف طوبال ، بعد اجتماع عقده السبسي الابن مع نواب النداء في يوم انعقاد جلسة منح الثقة لوزير الداخلية، أن هذا التصويت لا يعني تجديد الثقة للشاهد، مؤكداً أن الكتلة متمسكة بتعديل شامل، وطرح حكومة الشاهد لنيل ثقة البرلمان، في أجل لا يتجاوز عشرة أيام، على حد تعبيره. ولفت طوبال إلى أن قرار منح الثقة، جاء من باب حماية المؤسسات وللحفاظ على الأمن والاستقرار في هذه الفترة، وليس تغييرا في موقف الحزب مقارنة ببيانه الأخير إزاء الحكومة ورئيسها. وحصل الفوراتي على ثقة نواب الشعب بعد سلسلة من الخلافات والتجاذبات والجلسات بين الكتل والأحزاب، تحت قبة البرلمان وخارجه، بموافقة 148 نائبا، ورفض 13 وتحفظ 8 آخرين. ويرى متابعو الشأن السياسي أن حافظ قائد السبسي وجد نفسه أمام خيارين أحلاهما مرّ: إما أن يفرض على الكتلة التصويت ضد منح الثقة لوزير الشاهد ، و في هذه الحالة أكثر من 20 نائبا ندائيا لن ينصاعوا له و سيصوتون لمنح الثقة (وفي هذه الحالة، سيعرّي عمق أزمة الانشطار التي يشكو منها الحزب ) ، أو أن ينصاع لما تقتضيه الضرورة ؛ أي التصويت لمنح الثقة للوزير كي لا يظهر في حلّة "الضعيف" و "المغلوب على أمره" ، باعتبار أن الفوراتي سيتحصل على ثقة المجلس في كلتا الحالتين. فيما لفتوا إلى أن ما فات "السبسي الابن" هو انه بتغييره موقفه في ظرف سويعات و بعد اجتماعين متعاقبين له مع نواب الكتلة، قد أماط اللثام عن "سذاجته" السياسية و عدم اتباعه لأي استراتيجيا تكتيكية (أو خارطة طريق) يسير بمقتضاها الحزب، منبئين بانهيار وشيك للحزب الحاكم في ظل هذا الاضطراب الذي يعيش على وقعه.