يتواصل الحديث عن استفحال أزمة الأدوية بالبلاد و فداحة المرحلة القادمة التي تنتظر قطاع الصحة في تونس مع تآكل مخزونها من الأدوية، في ظلّ تورّط عدد من مسؤولي وإطارات وزارة الصحة والصيدلية المركزية في التواظؤ مع مافيات لتهريب الأدوية خارج القطر التونسي. وفي خضم هذا الشأن، دقّ المجلس الوطني لعمادة الأطباء ناقوس الخطر لنقص الأدوية الضرورية الذي تم تسجيله منذ أشهر. كما أعربت عمادة الأطباء، في بيان أًصدرته الأحد 29 جويلية 2018، عن انشغالها من هذا النقص المتواصل منذ أشهر للأدوية، معتبرة أن النقص في مخزون الأدوية وخاصة الأدوية الضرورية في القطاعين العام والخاص قد يؤثر على جودة الخدمات الصحية المُقدمة للمريض. ودعت عمادة الأطباء إلى التدخل العاجل واتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة أزمة نقص الأدوية في البلاد، مؤكدة أن الإجراءات الوقتية التي تدل على هشاشة الوضعية لم تعد مقبولة. وحول اسباب هذه الأزمة التي تجثم بثقلها على قطاع الصحة، كان المدير العام للصيدلية المركزية أيمن المكّي قد أكد وجود عصابات مُنظّمة قال إنّها تتحصّل من بعض المستشفيات العمومية ومصحّات الضمان الاجتماعي على أدوية باهظة الثّمن وتقوم إمّا بتهريبها أو بيعها للمواطنين بأسعار مُرتفعة، مُوضّحا أنّ المُهرّبين يقتنون الأدوية من الصيدليات أو من المُوزّعين ويهرّبونها إلى ليبيا. واعتبر المكّي، أنّ الفرق المُسجّل في نسب استهلاك الأدوية يُؤكّد وجود عمليات تهريب كبرى، لافتا إلى أنّ نسبة الاستهلاك بلغت خلال الأشهر الستّة الأولى من السنة المنقضية 11% وإلى أنّها تضاعفت 3 مرّات بولايات مدنين وتوزر وقفصة والقصرين وتطاوين والكاف وسوسة وصفاقس مقارنة بولايات بن عروس ومنوبة ونابل التي قال ان نسب الاستهلاك فيها لم تتجاوز 5%. وأشار المتحدّث إلى أنّ هناك خلّية تجتمع أسبوعيا يومي الإثنين والخميس لتقديم حصيلة عمليات مراقبة موزّعي الجملة والصيادلة بالجهات. بدوره، كشف وزير الصّحة عماد الحمامي مؤخرا عن وجود ملفات فساد من الحجم الكبير في وزارة الصحة تتعلّق بتهريب الأدوية والصيدلية المركزية، مُعلنا أنّه سيتم تشديد العقوبات على كل المتورّطين في ملفات الفساد في هذا المجال. وقال إنّه "يتمّ يوميا الكشف عن لوبيات تهريب الأدوية وتقديمها للقضاء... الأدوية الخطيرة خاصّة فيها تلاعب كبير... هناك أطباء وصيادلة متورطون في هذه الملفات... هي حالات شاذة... لكن الصيدلية المركزية متورّطة أيضا في ملف فساد من الحجم الثقيل وقد قُدّم للقضاء منذ شهر ونصف". وأضاف أنّه تمّت الإطاحة بشبكات كبيرة لتهريب الأدوية بكلّ من صفاقسومدنين والقصرين وتونس العاصمة وأنّ كلّها ملفات من الحجم الثقيل، مشيرا إلى أن التهريب ومشاكل الصناديق الاجتماعية وتغيير نمط عيش المواطن من بين الأسباب التي أدّت إلى نقص الأدوية. وتابع "نقص الأدوية في السوق ليس بالأمر الجديد... لدينا لائحة بأسماء الأدوية المفقودة ولكن لا يمكننا التصريح بها في وسائل الإعلام.. إنّه مجال حرج متعلّق بالأمن القومي ولست مخوّلا لإعداد أنواع الأدوية الناقصة لأن المافيات تنتهز مثل هذه الفرص". وفي سياق متصل، تمكن أعوان مركز حرس مرور نفزة خلال اليومين الأخيرين من العثور على كمية من الأدوية خاصة بمرضى الأعصاب معدّة للتهريب تتمثّل في 52 علبة مختلفة الأنواع قدّرت قيمتها المالية بحوالي 4800 دينارا، في سيارة جزائرية. ووفق البلاغ الصادر عن وزارة الداخلية فانه وبالتحري مع السائق ومرافقه بخصوص مصدر الأدوية التي كانا ينويان تهريبها أفادا باقتنائها من تونس العاصمة لترويجها بالجزائر. فيما تمكن أيضا أعوان الشرطة العدلية بسوسة، صباح السبت، من القبض على تقني يعمل في صيدلية تابعة لأحد الصناديق الاجتماعية بسوسة، وفق ما أكده الناطق الرسمي باسم المحكمة الإبتدائية بسوسة محمد حلمي الميساوي. وأضاف المصدر نفسه أنه تم حجز ما قيمته 6 آلاف دينار من الأدوية بمنزله، مشيرا إلى أن النيابة العمومية أذنت بالاحتفاظ به ومواصلة الأبحاث.