يتواصل الجدل حول رئاسة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات منذ استقالة رئيسها محمد التليلي المنصري من منصبه في ظروف وصفها متابعون ب"الغامضة" . ومع دخول مجلس نواب الشعب في العطلة البرلمانية، يظل تاريخ انتخاب رئيس لهيئة الانتخابات مجهولا، على الرغم من أن هناك مرشحا وحيدا لمنصب رئاسة الهيئة ، فضلا عن كون تعذل انتخاب رئيس لهيئة الانتخابات من شأنه أن يهدد بتأجيل موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية المرتقبة في 2019. يشار إلى أن عضو هيئة الانتخابات نبيل بفون هو المرشّح الوحيد لرئاسة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وذلك بعد إعلان منافسه نبيل العزيزي عزمه سحب ترشّحه الخميس 26 جويلية 2018 بعد عدم تقديم أعضاء المجلس تزكيتهم له. وفي خضم موضوع استقالته من رئاسة هيئة الانتخابات وترشح بفون وحيدا لخلافته، أوضح رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات المستقيل محمد التليلي المنصري، الخميس 9 أوت 2018، أن المشكل في هيئة الانتخابات وغيرها من الهيئات "تشريعي" وأنه يتعلق بتحديد الصلاحيات، قائلا "القانون الأساسي للهيئة خلق تداخلا في الصلاحيات بين رئيس الهيئة ومجلس الهيئة، واستقالتي هي الرابعة في هذه الهيئة". وأضاف المنصري "،"العديد من أعضاء الهيئة على غرار أنيس الجربوعي ونبيل بفون فوجئوا بالتقرير الذي نُسب لأعضاء الهيئة في الرد على أجوبتي لمجلس نواب الشعب فلا علم مسبق لهم به...وكان من الأفضل أن يظل طلب الاعفاء في اطار المؤسسات وليس على مستوى اعلامي". وأكد أن إدارة الهيئة تواصل عملها وتعكف على الميزانية التي ستقدمها خلال هذا الأسبوع لمجلس الهيئة وأن العمل داخلها متواصل، مضيفا "حتى لو ظلمني مجلس النواب لست نادما على الاستقالة...حين يأتي رئيس جديد نسلمو الصلاحيات ونمشي". وأشار رئيس الهيئة المستقيل إلى" أن بقاء نبيل بفون مرشحا وحيدا لرئاسة هيئة الانتخابات هو "دليل على رضى بقية الأعضاء عليه في هذا المنصب.. لو لم يكن هناك رضاء عليه لما تُرك مترشحا وحيدا"، مشددا على أن المسألة اليوم عند مجلس النواب قائلا "المجلس هو الذي انتخبنا وهو الذي يقرّر". و يعتبر متابعو الشأن السياسي أن تقديم الهيئة لمرشح وحيد، يمثل رسالة ضمنية منها على توافقها وتجانسها بتقديم ترشح وحيد على خلاف تعدد الترشحات لانتخاب رئيس الهيئة السنة الماضية بعد استقالة الرئيس الأسبق محمد شفيق صرصار، الأمر الذي تسبب انذاك في تعطيل انتخاب رئيس للهيئة في أكثر من مناسبة وساهم بصفة مباشرة في تأخير موعد الانتخابات البلدية. جدير بالذكر أن كلا من كتلتي الحرة لمشروع تونس والاتحاد الوطني الحر رفضتا تنظيم جلسة لانتخاب رئيس لهيئة الانتخابات مطالبين بالاستماع لرئيس الهيئة المستقيل محمد التليلي المنصري قبل انتخاب الرئيس الجديد. وقالت النائب عن كتلة الحرة خولة بن عائشة، في تصريح لوكالة تونس افريقيا للأنباء ، الأربعاء 25 جويلية 2018، أن الكتلة متمسكة بطلب الاستماع إلى الرئيس المستقيل نظرًا إلى توتر العلاقة بين أعضاء هيئة الانتخابات. وأضافت بن عائشة، في ذات السياق، أن ما ورد بتقرير أعضاء الهيئة الذين طلبوا إعفاء محمد التليلي المنصري واتهامه بقيامه بعدد من الإخلالات وتقرير الرئيس الذي ردّ على هذه الاتهامات، يكشف أن الأمر خطير جدًا وأن الصراعات داخل هيئة الانتخابات متواصلة منذ استقالة رئيسها السابق شفيق صرصار الذي انسحب دون أن يقدّم أي توضيحات وإجابات شافية عما يحدث بالهيئة. واعتبرت بن عائشة أنه كان من الأجدى عقد جلسة عامة للاستماع إلى الرئيس المستقيل وإجراء انتخابات "التجديد الثلثي" للهيئة، قبل التوجه إلى سد الشغور في موقع الرئاسة. كما أشارت إلى أن كتلة الحرة كانت قد ذهبت إلى حد المطالبة بتغيير أعضاء الهيئة جميعهم، نظرًا إلى أن الهيئة الحالية فقدت المصداقية والشفافية وكثرت الصراعات بين أعضائها. ومن جهته، قال النائب عن الاتحاد الوطني الحرّ طارق الفتيتي ، في تصريح لوكالة تونس افريقيا للأنباء، إن كتلة حزبه متمسكة بدورها في الاستماع إلى رئيس الهيئة المستقيل محمد التليلي المنصري باعتبار أن الاستقالة لا تنفي تهمة "الخطأ الجسيم" التي رماه بها عدد من أعضاء الهيئة، بالإضافة إلى أن المنصري عكس الأمر واتهم الأعضاء بتعطيل العمل داخل الهيئة. كما أشار الفتيتي إلى أن المنطق يقتضي بمعرفة أسباب ومسببات الخلافات داخل هيئة الانتخابات قبل عقد جلسة عامة لسد الشغور في الرئاسة. يُذكر أن المنصري استقال بداية شهر جويلية الحالي بعد أسابيع من لائحة لإعفائه قدمها أعضاء الهيئة، وقد ردّ عليها المنصري قبيل استقالته برسالة مضادة وجهها لأعضاء البرلمان. وقد تضمنت الرسالتان تبادلًا للتهم بخصوص خرق أحكام قانون الانتخابات مع إثارة الطرفين لشبهات فساد مالي وإداري