في ظلّ متغيّرات المشهد السياسي المتقلب الذي تعيش على وقعه البلاد، تبدو الرؤية حول خفايا المرحلة القادمة من مستجداتٍ ضبابيةٌ نوعًا ما، مما يفتح الباب على مصراعيه أمام التأويلات والفرضيات حول الأحداث التي من المتوقع أن تشهدها الساحة السياسية. وقد عرف التنافس السياسي على مدار السنوات الأخيرة تشكّل لاعبين سياسيين جدد واندثار آخرين ، وصعود طرف ونزول الآخر ، في ظلّ متغيرات اللعبة السياسية التي تشهدها البلاد. و تشير جلّ المؤشّرات إلى أنّنا على أهبة استقبال مشهد برلماني جديد ، لاسيّما بعد موجة المتغيرات التي شهدها عدد من الكتل البرلمانية ، خاصة في الأيام القليلة التي سبقت العطلة البرلمانية؛ بين استقالات نواب من كتلهم وانخراطهم في كتل جديدة ، فضلا عن استعداد آخرين لتكوين كتلة برلمانية جديدة. و إثر جلسة منح الثقة إلى وزير الداخلية الجديد هشام الفوراتي ، استقال عدد من نواب كل من كتلتي افاق تونس ومشروع تونس ، نظرا لاختلاف وجهات النظر حول مسألة التصويت. كلٌّ من كتلة حركة نداء تونس وكتلة مشروع تونس أعلنتا ، في بيان في ساعة متأخرة من يوم الأربعاء 15 أوت 2018، الاتفاق على العمل على تكوين كتلة نيابية تكون الأولى في البرلمان "تمثل صمام أمان للعملية السياسية وقوة اقتراح تتصدى لكل محاولات التوظيف السياسي للمسار التشريعي" وتكون "بمثابة القوة النيابية الضامنة للاستقرار السياسي". وقال البيان إن هذه المبادرة تبقى مفتوحة أمام كل الأطراف النيابية الأخرى، وستعمل على سد الشغور ثم انتخاب رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات، وتنقيح القانون الانتخابي، وتركيز المحكمة الدستورية، والمصادقة على قانون مالية يكون قاطرة فعلية لحلحلة الوضع الاقتصادي والاجتماعي مع الدفع نحو التوافق حول الإصلاحات الكبرى المستعجلة، وفق نص البيان. وكان قد أعلن أمين عام حزب مشروع تونس محسن مرزوق اتفاق الكتلة البرلمانية لحزبه مع كتلة حركة نداء تونس على الشروع في بناء جبهة برلمانية لتنسيق المواقف داخل البرلمان معتبرًا ذلك "خطوة في الاتجاه الصحيح يجب أن تنفتح على قوى برلمانية تقدمية أخرى". وقال على حسابه على فيسبوك الأربعاء 15 أوت 2018 أن الاتفاق هو تقدم في اتجاه بناء الجبهة البرلمانية التي وقع الشروع في تأسيسها منذ أشهر ولَم تنجح لظروف سياق سياسي غير ملائم، حسب تعبيره. وأشار إلى أن هذه الجبهة ستعمل على تحقيق التوازن في البرلمان وتنسيق المواقف حول قضايا مركزية على جدول أعمال المجلس النيابي. وقام مرزوق بتعديل نشريته في وقت لاحق ليوضّح أنه استعمل تعبير "كتلة" بالمعنى السياسي فقط أما قانونيًا فالأمر يتعلق بتنسيق بين الكتلتين. من جانب آخر، النواب الخمس المستقيلون من كتلة الحركة التابعة لمشروع تونس (وهم كل من الصحبي بن فرج ومروان فلفال وليلى الشتاوي وهدى سليم وسهيل العلويني) يتأهبون للالتحاق بالكتلة الديمقراطية في أكتوبر المقبل. وفي هذا الصّدد ، أكد النائب سهيل العلويني أن النواب ال5 المستقلين من كتلة الحرة غير معنيين بالكتلة المعلن عن تشكيلها يوم الاربعاء والتي تضم نواب نداء تونس والحرة . وقال العلويني، في تصريح إعلامي الخميس 16 أوت 2018 ، " لماذا إذن غادرنا نداء تونس والحرة لنعود بهذا الشكل ؟ نحن غير معنيين ولنا مبادئ لن نحيد عنها".