لا يبدو الوضع الحزبي مريحا داخل مشروع تونس وافاق تونس وذلك بعد التطورات الاخيرة التي عاشتها الاحزاب على خلفية الاختلاف الحاصل حول التصويت لمقترح رئيس الحكومة بتعيين وزير جديد للداخلية. وشهدت احزاب هزات ارتدادية بدأت بتضارب المواقف حول التصويت والتمرد على مواقف رؤساء الاحزاب لتنتهي بدعوات للاستقالة كما حصل مع القيادي بحزب افاق تونس كريم الهلالي الذي خالف توجهات الحزب حسب قول دعاة اقالته من منصبه كرئيس للمكتب السياسي لأفاق . ليرد الهلالي بتقديم استقالته من منصبه وليؤكد في تصريح ل»موزاييك» ان حضوره جلسة منح الثقة ومداخلته في البرلمان وتصويته مع منح الثقة تعتبر استقالة ضمنية من منصبه في افاق مشيرا في سياق متصل إلى أنه سيحافظ على عضويته بالحزب. ويدرك الافاقيون مسبقا انه لا تأثير يذكر لتصويت نواب حزبهم سواء بقبول مقترح رئيس الحكومة او رفضه فان دخولهم على خط الأحداث يؤكد ان الاختلاف حول التصويت لم يكن سوى متنفسا لنواب افاق لاعلان رفضهم لتمشي رئيس الحزب ياسين ابراهيم الذي وصفه يوسف الشاهد ضمنيا في احدى تدخلاته بالانتهازي سيما وان عداءه لحكومة الشاهد كان نتيجة مغادرته لها بعد رفض رئيس الحكومة توزير ابراهيم وكذاك بعد انتصار الشاهد للخلافات التي حصلت بين الوزير مهدي بن غربية وياسين ابراهيم على خلفية فضيحة «لازارد». ولَم تكن كتلة الحزب بمنآى عن تدخل ياسين ابراهيم الذي حولها الى كتلة ضغط لتحسين شروط التفاوض سواء اثناء التفاوض الحكومي مع حكومتي الحبيب الصيد او مع حكومة الوحدة الوطنية في أوت 2016 ، وهو ما أدى الى تراجع اداء الحزب الذي خسر موقعه في حكومة الشاهد بعد محاولة التغول للافاقيين للحصول على حقائب تفوق حجمهم السياسي وامتدادهم داخل البرلمان. أزمات داخلية ولَم يتوقف نمو الخلافات داخل افاق بعد دعوة اربعة عناصر من الحزب للالتحاق بحكومة الشاهد وهو ما زاد في تعكر حالة الحزب بعد انسحاب واستقالة ابرز قياداته على غرار فوزي عبد الرحمان ورياض المؤخر ليخلص الحزب الى نتائج هزيلة في الانتخابات البلدية عكست حجم الازمة الداخلية والتي حاول ياسين ابراهيم ووليد صفر ومهدي الرباعي التغطية عليها لكن ذلك لم يفلح لتطفو على سطح الأحداث ايّاما قليلة قبل وبعد منح الثقة لوزير الداخلية. ويذكر ان الحزب قد خسر كتلته النيابية بعد استقالة عدد من نواب المجلس ومغادرتهم للحزب وكان آخرهم النائب علي بنور في حين سبقوه الى الاستقالة كل من هاجر بالشيخ السنة بعد استقالة أنور لعذاري ورياض جعيدان من نفس الكتلة وقد ارجع بنور استقالته الى ما وصفه بالخلافات الداخلية العميقة بالحزب بسبب ياسين ابراهيم. ولَم يكن الوضع داخل كتلة مشروع تونس اكثر رفاها من كتلة افاق، فقد اعلن 5نواب عن تمردهم ضد رغبة أمين العام محسن مرزوق في الإطاحة بمقترح رئيس الحكومة في تنصيب وزير داخلية جديد. وقد تولى النائب الصحبي بن فرج في الكشف عن ملابسات المفاوضات يوم قبل جلسة منح الثقة ونشر بن فرج على صفحته الرسمية ما يلي « يهم نواب كتلة الحرة ، ليلى الشتاوي، هدى سليم، مروان فلفال، سهيل العلويني والصحبي بن فرج ، يهمهم أن يعلموا الرأي العام بأنهم قرروا منذ يوم الجمعة 27 جويلية 2018 التصويت لفائدة منح الثقة لوزير الداخلية السيد هشام الفوراتي وأعلموا قيادة الحزب ورئاسة الكتلة بأنهم متمسكون بقرارهم واعتذارهم عن الالتزام بقرار الكتلة والحزب بالتحفظ على تعيين الوزير وذلك خلال اجتماع الكتلة بالأمين العام في نفس اليوم». وقد استند النواب في قرارهم وفق ما ورد في بيانهم «الى جملة من المعطيات الموضوعية أهمها ضرورة إنهاء الفراغ على رأس وزارة الداخلية وأهمية النأي بهذا التصويت عن التجاذبات السياسية ودعم التفاعل الإيجابي التي ساد اجتماع رئيس الحكومة بوفد عن الحزب يتقدمه الامين العام يوم الخميس 26 جويلية 2018». وقد سبق هذا البلاغ تدوينة على صفحة النائب بن فرج تضمنت «منذ صباح الاربعاء اتضح للجميع أن أنصار الشاهد داخل النداء وبعض الكتلة الاخرى قادرون عدديا على تمرير الوزير بسهولة رغم أن رئيس الدولة نأى بنفسه عن الدعم العلني لعملية سدّ الشغور في وزارة الامن الداخلي تمسكا منه «بالحياد» و»عدم التدخل في الشأن الحكومي والبرلماني» طبقا للدستور». ويضيف بن فرج «على الساعة الثانية بعد الزوال، وعندما تأكد أن النتيجة أصبحت لفائدة يوسف الشاهد، «نزلت» التعليمات بتغيير مواقف من كانوا في المعارضة في نداء تونس حتى لا تُسجّل النتيجة في ميزان الخسائر التي تتراكم عليهم يوما بعد يوم». واذا كان افاق تونس ضحية المؤسس ياسين ابراهيم فان مشروع تونس هو الاخر ضحية طموحات الامين العام محسن مرزوق الذي لم يصبر على تحولات المشهد في لحظاته الاخيرة، حيث كان خيار الجلوس على كرسيين في ان واحد خياره الوحيد، فلقائه بالشاهد كان في اتجاه التصويت على منح الثقة للوزير الجديد، ليلتقي بعدها برئيس الجمهورية ويعلن تراجعه عن دعم الشاهد، حسابات الربح في عقل الامين العام لم تكن كما شاء، ليخسر مرزوق جزءا من مصداقيته امام نواب حزبه وانصار المشروع وشركائه في السياسة.