في ظل المرحلة الحساسة التي يعيشها الوضع الاقتصادي بالبلاد، تفاقمت وضعية الشركات العمومية، والتي ما انفكت تسجل خسائر مالية كبيرة أرهقت موازنة الدولة، بعد أن كانت تحقق أرباحا، وتساهم في خلق إيرادات لخزينة الدولة، مما جعلها غير قادرة على تحمّل الخسائر المتكررة لتلك الشركات. و تسعى الحكومة إلى بيع المؤسسات المصادرة للحصول على موارد مالية جديدة و تجاوز الضائقة المالية التي تمر بها. وتتوقع الحكومة تحصيل عائدات بنحو 500 مليون دينار ، من بيع الشركات المصادرة التي ستشمل ، عرض الحصة التي آلت ملكيتها إلى الدولة من مصرف الزيتونة وعدد من المؤسسات الإعلامية (دار الصباح وإذاعة شمس إف إم)، فضلاً عن ضيعات فلاحية وشركات لبيع السيارات كانت يملكها الرئيس المخلوع وعدد من أفراد أسرته. ووفق ما كشفته المناقصات التي طرحتها مجموعة الكرامة القابضة التي تدير المؤسسات المصادرة للمخلوع وعائلته، أن مستثمرين أجانب يهتمون اهتماما كبيرا بشرائها، بعد أن انتقلت حصصها للدولة بمقتضى مرسوم المصادرة، مقابل عزوف شبه تام من المستثمرين المحليين على المشاركة في هذه المناقصات. ومن المنتظر أن يكون شهر سبتمبر القادم حاسما في أهم عملية بيع المؤسسات المصادرة ، وذلك بالكشف عن نتائج مناقصات بيع حصة من بنك "الزيتونة" الاسلامي وفرع تأميناته الذي كان ملكا لصخر الماطري صهر بن علي، وشركة إسمنت قرطاج التي كانت مملوكة من قبل صهره بلحسن الطرابلسي . وتتوقع تونس أن تجني القسط الأكبر من المبلغ المخطط تحصيله من عمليات البيع هذا العام من هاتين الصفقتين اللتين يتنافس أكثر من 12 مستثمرا على الحصول عليهما. وفي خضم هذا الشأن، كشف المدير العام لمجموعة الكرامة القابضة عادل غرار أن لجنة المصادرة ستحسم قريبا أمر عدد من المؤسسات التي أجريت مناقصاتها. و لفت, في سياق متصل، إلى أن إقبال مستثمرين أجانب على اقتناء هذه الشركات دليل على تعافي المناخ الاستثماري في البلاد ، مشيرا إلى أن 7 مستثمرين أجانب تقدموا للحصول على بنك الزيتونة الذي حقق نتيجة استغلال صافية العام الماضي تقدر ب120 مليون دينار، أي نحو 46 مليون دولار. و أوضح غرار، في تصريح للعربي الجديد، أن الإقبال الأجنبي اللافت على البنك الإسلامي الأول في تونس مرده تحقيق نسبة نمو تقدر ب10% سنويا، فضلا عن المكانة المهمة التي باتت تحظى بها الصيرفة الإسلامية في النسيج المالي التونسي. بيّن المسؤول عن الكرامة القابضة أن 5 مستثمرين أجانب تقدموا لشراء شركة إسمنت قرطاج، مشيرا إلى أن من بين المتنافسين شركات لها مؤسسات في ذات القطاع، وتتطلع إلى التوسع عبر الحصول على شركة إسمنت قرطاج، وهم برتغالي وإسبانيان. وعن أسباب عزوف المستثمرين المحليين عن المشاركة في مناقصات المؤسسات المصادرة، قال غرار إن أسبابا عديدة تمنع رجال أعمال ومجموعات اقتصادية تونسية من المشاركة في هذه المناقصات، ومنها غياب الرغبة في الاستثمار المحلي في الظرف الحالي الذي يتميز ببعض المشكلات الاقتصادية وارتفاع كلفة القروض،. كما نوه بأن المحليين يقبلون أكثر على شراء المنقولات المصادرة، ولا سيما منها العقارات.