في ظل المرحلة الحساسة التي يعيشها الوضع الاقتصادي بالبلاد، تفاقمت وضعية الشركات العمومية، والتي ما انفكت تسجّل خسائر مالية كبيرة أرهقت موازنة الدولة، بعد أن كانت تحقق أرباحا، وتساهم في خلق إيرادات لخزينة الدولة، مما جعلها غير قادرة على تحمّل الخسائر المتكررة لتلك الشركات. و تسعى الحكومة إلى بيع المؤسسات المصادرة للحصول على موارد مالية جديدة و تجاوز الضائقة المالية التي تمر بها. وتتوقع الحكومة تحصيل عائدات بنحو 500 مليون دينار، من بيع الشركات المصادرة التي ستشمل في الأسابيع المقبلة، عرض الحصة التي آلت مليكتها إلى الدولة من مصرف الزيتونة) وعدد من المؤسسات الإعلامية (دار الصباح وإذاعة شمس إف إم)، فضلاً عن ضيعات فلاحية وشركات لبيع السيارات كانت يملكها الرئيس المخلوع وعدد من أفراد أسرته. وفي خضم هذا الشأن، أكد الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان، أن هناك مؤسسات لا يمكن إصلاحها إلا بالتفويت فيها وأخرى لا يمكن إصلاحها إلا بإعادة الرّسملة. وقال سعيدان إن "الستاغ" و"الصوناد" والمستشفيات مؤسسات عمومية لن يتم التفويت فيها لأنها من مقومات الدولة، لكن هناك مؤسسات على غرار الشركة التونسية للتبغ والوقيد من المؤسسات التي يجب على الدولة التفويت فيها لأنها تخسر سنويّا ما قيمته 100 مليون دينار وهو أمر غير معقول، مؤكدا أن تونس وكوريا الشمالية الدولتان الوحيدان في العالم اللتان تصنعان التبغ، مبينا أن النقابات تقول إن الشركة تربح ما قيمته 150 مليون دينار لكنها في الحقيقة أداءات تذهب إلى الدولة. ومن جهته، أكد المستشار في الاستثمار محمد الصادق جبنون، في تصريح سابق، أن الخطوة التي تنوي الحكومة تنفيذها والمتعلقة بالتفويت في المنشآت العمومية تكتسي غاية من الحساسية لاسيما المؤسسات المالية منها . و كان مدير عام مجموعة الكرامة القابضة التي تدير المؤسسات المصادرة عادل غرار قد أفاد في تصريحات سابقة بأن المؤسسة تتقدم في إنجاز أكبر عملية بيع للمؤسسات المصادرة منذ الثورة، مشيراً إلى أن 11 مؤسسة حالياً في طريقها إلى البيع. ولفت إلى أن مستثمرين أجانب ومحليين أبدوا اهتماماً كبيراً لشراء مؤسسات إسمنت قرطاج ومصرف الزيتونة فضلاً عن شراء مؤسستين أخريين، وهما ألفا هيونداي وفورد للسيارات. وحسب غرار فإن مجموعة الكرامة القابضة تتوقع تحصيل المبلغ المتوقع من بيع 11 مؤسسة مصادرة، مشيراً إلى أن مستثمرين برتغاليين وأسباناً أبدوا اهتماماً كبيراً في الاستثمار في قطاع الإسمنت، وهو ما يعد مؤشراً إيجابياً على عودة المستثمرين الأجانب في الصناعات الثقيلة إلى تونس وفق قوله. وطبقا لما كشفه مدير عام مجموعة الكرامة القابضة فإن 7 مشترين آخرين أبدوا اهتماماً كذلك بشراء مصرف الزيتونة الإسلامي من بينهم مستثمرون مغاربة، فيما أبدى 19 مستثمراً اهتماماً بالحصول على حصة الدولة التونسية في مؤسستي "هيونداي " و"فورد". وشدد مدير عام الكرامة القابضة، على أن الهدف الأساسي للمجموعة من إتمام عملية البيع هو إنعاش خزينة الدولة بموارد مالية جديدة لردم الفجوة في ميزانية الدولة ، خاصة بعد تباطؤ مسار البيع في المؤسسات على امتداد السنوات السبع الماضية حيث لم تتمكن الدولة إلا من بيع 7 مؤسسات فقط. و يبلغ عدد الشركات المملوكة للدولة 216 شركة في 21 قطاعا، أغلبها تعمل في مجال الطاقة والصناعة والصحة والخدمات، وهذا الأمر سبّب لها مشكلة كبيرة أدت إلى عجزها عن توفير الأموال لإدارتها.