تطورت تجارة التهريب في السنوات الاخيرة لتصبح قطاعا ساخنا يؤمن لقمة عيش مئات العائلات, وخاصة تلك القاطنة قرب المناطق الحدودية, حيث تراجعت طرق التهريب التقليدية لبعض المواد الغذائية والبنزين بإعتبار سهولة السّيطرة على هذا النوع من العمليات عبر الدوريات الأمنية, ومراقبة المسالك الحدودية المعروفة بالتهريب, لكن عمليّات التهريب لا تنتهي ولا تنقطع. تَمكّنَت وَحدات الحَرس الوطَني بكامل تُراب الجُمهورية خلال الفترة الممتدة من يوم 2 سبتمبر إلى غاية يوم 8 سبتمبر الجاري، من إحباط 104 عملية تهريب، قدرت القيمة المالية الجملية للبضائع المهربة المحجوزة ب 3 مليارات و24 ألف دينار و790 دينار. وتم خلال هذه الفترة, إلقاء القبض على 1087 مفتش عنهم من أجل قضايا حق عام, وحجز 91 سيارة وشاحنة مفتش عنهم, وإلقاء القبض على 3 عناصر تكفيرية مفتّش عنهم من اجل تورطه في قضايا ذات صبغة ارهابية. وإيقاف 6 عناصر سلفية مشتبه فيهم بالتطرف الديني والانتماء الى تنظيم ارهابي كما تمّ حجز 1.42 كلغ و31 قطعة من مخدر القنب الهندي “الزطلة” و248 قرص مخدر و0.1 غراما من مخدر “الكوكايين” قيمتها المالية 71 الف دينار و885 دينار و5813 علبة جعّة و50 قارورة خمر قيمتها المالية 12 الف دينار و 26 دينار, و4 بنادق صيد عيار 12 و 16 مم و152 خرطوشة من نفس العيار ممسوكة بدون رخصة. إضافة إلى إحباط 6 عمليات إجتياز الحدود البرية خلسة وإلقاء القبض على 12 مجتازا, و 13 عملية إجتياز الحدود البحرية خلسة وإلقاء القبض على عدد 41 مجتازا. وقد عزّزت وزارة الداخلية بالتعاون مع الدفاع و الديوانة, منذ مدة المراقبة على الحدود وهو ما قلص من ظاهرة خاصة تهريب المواد المدعّمة, التي تشهد تصاعدا كبيرا خلال السنوات الفارطة مما يساهم في غلاء الأسعار وإحتكار المواد, ممّا يدفع الدّولة إلى إستيراد مواشي من دول أخرى لتغطية حاجة السّوق الدّاخليّة. تبقى بعض المناطق الحدوديّة مستفيدة من ظاهرة التّهريب اذ توفّر لهم مواطن شغل في سياقة الشاحنات وبيع المنتوجات المهربة كالمحروقات, و هذا مادفع للاعتصام و الإحتجاج كلما أغلقت الحملات الأمنية المنافذ و الحدود لتصبح عملية التهريب شبه مستحيلة. وفي نهاية الأمر ان فشلت عملية التهريب يدفع الثمن سائق الشاحنة الذي يعمل أجيرا لدى المهرب الأصلي, المهربون يتحصنون وراء العاملين لصالحهم, وعلى طريقة الأفلام الأمريكية يبقى المهرب رهين خيارين إما إنجاح مهمته او السقوط في فخ الامن. يجب أن يعي التّونسيّون, حجم الضّرر الذي يسبّبه التهريب لإقتصاد البلاد, أما تهريب المواد المخدّرة فهي أشدّ ضرارا من تهريب أيّ مواد أخرى, لأنّ إرتفاع نسبة مستهلكي المخدّرات بلغت أشدّها, وباتت ثروتنا البشريّة, شبابنا وأبناؤنا هم الثّمن.