لا يختلف إثنان حول محدودية الإمكانيات التي تحظى بها مجالات الأبحاث العلمية و التكنولوجية في تونس مقارنة بغيرها من الدول سواء المتقدمة منها أو حتى الكثير من دول العالم الثالث ، إلا أن ذلك لم يمثّل رادعا أمام باحثيها و مبتكريها من الإبداع و التفوق في المجالات العلمية و الإبتكار.. وفي هذا الصدد، قال المخترع التونسي ومؤسس شركة ” ENOVA Robotic” أنيس السحباني الأربعاء 12 سبتمبر 2018، إن شركة ” ENOVA Robotics” التي تم إحداثها في شهر جويلية 2014 اخترعت اول ربوت حراسة سنة 2015 . وأفاد السحباني بأنّ تونس أصبح لها إشعاع عالمي فيما يهم صنع الروبوتات، مشيرا إلى أن الأجانب أصبحوا يأتون لتونس من أجل التكوين في هذا المجال . كما اضاف أنه تم الآن رصد أموال ”levée de fonds” ب4.5 مليون دينار. وأنيس السحباني كان محاضرًا في جامعة السوربون في مجال الروبوتات ورئيسًا لمختبر الأبحاث الأكثر أهمية في مجال الروبوتات. و قد تصدرت تونس ترتيب البلدان المغاربية في مؤشر الابتكار العالمي، وذلك وفقا للنسخة الأخيرة من التقرير الذي تشارك في إعداده كل من جامعة “كورنيل” والمعهد الأوروبي لإدارة الأعمال “إنسياد” والمنظمة العالمية للملكية الفكرية “ويبو”. وقد شمل التقرير في نسخته الحادية عشرة، الصادرة تحت شعار “الابتكار يمد العالم بالطاقة”، 126 بلدا من بينها ثلاثة بلدان مغاربية، هي تونس والمغرب والجزائر. و تصدرت تونس الترتيب على الصعيد المغاربي، في حين حلت في المركز ال 66 على الصعيد العالمي، ب 32.86 من أصل 100 نقطة. وسبق أن تصدّرت تونس قائمة البلدان العربية والإفريقية في مجال الإبتكار وفق مؤشر بلومبرغ للابتكار لسنة 2018 ، مع العلم أنها قد تصدرت المركز الأول عربيا وافريقيا في هذا المؤشر لسنة 2017 أيضا. و وفق ما جاء في الموقع الالكتروني للمجلة الأمريكية بلومبرغ، فإنّ تونس احتلت المرتبة الأولى عربيا وافريقيا والمرتبة 43 عالميا في مجال الابتكار لسنة 2018 ب49،83 نقطة. وقد تقدمت تونس بمرتبتين في هذا التصنيف مقارنة بالسنة الماضية حيث كانت تحتل المرتبة 45. ويتمحور هذا المؤشر الذي يقيس تأثير الابتكار على اقتصاد كل بلد، حول 7 معايير أساسيَّة، وهي: البحث والتطوير، والقيمة المضافة للصناعة التحويلية، والإنتاجية، وكثافة التكنولوجيا العالية، وفعالية القطاع الثالث، وتركيز الباحثين وعدد براءات الاختراع. ومنذ مطلع العام الجاري، حقّق عدد من التونسيين نجاحات شتّى في مختلف مجالات الابتكار، لعلّ آخرها المشروع الذي أطلقه الباحث التونسي سمير شبيل وطالبته السابقة رباب الفارسي ، الذي بدأ إعداده في مركز التكنولوجيا الحيوية في برج السدرية وانتهى بتركيزه في إحدى ضيعات الزيتون بجهة المكناسي. و يتمثل هذا المشروع في وضع تقنيات استشعار موضوعة على الأرض ومرتبطة بالأشجار والهواء تتولى قياس الرطوبة ودرجة حرارة الهواء وسرعة الرياح وغيرها من المعطيات، ليتم تحليلها بشكل مستمر عبر خوارمية تحدّد الكمية المطلوبة والوقت المناسبة لريّ الأشجار. وهذا المشروع الفريد من نوعه يمكن أن يوفر ما يزيد عن 40 في المائة من المياه، ويزيد بنسبة 20 في المائة على الأقل في إنتاج الزيتون. وصرحت رباب فارسي لصحيفة لومند الفرنسية أن هذه الحسابات هي نتيجة عشرين سنة من العمل الأكاديمي في علم المناخ الحيوي، وفسيولوجيا النبات، والهندسة الزراعية. كما أشارت إلى أن الزراعة تستهلك 70 في المائة من المياه العذبة في العالم، لكن 60 في المائة من تلك المياه يتم فقدانها بسبب الري غير الفعال قائلة “ندرة المياة هو آفة عالمية. ونريد أن نبتكر حتى لا تكون الحروب القادمة حروبًا على الماء”. وفي شهر جوان الماضي، فاز الأستاذ التونسي حاتم سليمان، بجائزة أفضل أستاذ مؤطر في العالم لسنة 2018، في مسابقة الأولمبياد العالمية للهندسة البيئية، التي يتم تنظيمها سنويًا بولاية تكساس الأمريكة. وتحصل الأستاذ حاتم سليمان، على ملاحظة "استثنائي" في المسابقة التي شارك فيها 350 مؤطرا من 72 دولة. كما تعدّ الجائزة رقم 202 في مشواره العلمي. وفي سياق متصل، أعلن معهد المناطق القاحلة بولاية مدنين، الحصول على براة اختراع لدواء جديد مضاد لمرض سرطان الدم، تم استخراجه من نبتة اللازول الموجودة بكثرة في منطقة الجنوب الشرقي للبلاد. وقالت الباحثة التونسية في المعهد، حنان نجّاع إنّ “البحوث كانت في إطار رسالة دكتوراه التي تمحورت حول موضوع التعرف على الأهمية الغذائية لنبتة اللاّزول”. وتابعت “انطلقنا منذ فترة في البحوث للتعرف على أهمية هذه النبتة وانتهينا إلى قدرتها على مكافحة الخلايا السرطانية في جسم المصابين بمرض سرطان الدم”، لافتة إلى أن “لنبتة اللاّزول أنواع كثيرة من بينها نوع “الأودورا بيسيزومين ” الموجود في منطقة الجنوب الشرقي التونسي والتي أثبتت الدراسات قدرتها على مواجهة العديد من الخلايا السرطانية ” . وبحسب الباحثة فإنه “تمت مقارنة النتائج المتحصل عليها باستعمال نتبة اللاّزول مع نفس النتائج لدواء اخر لنفس المرض وأثبتت الدراسات تفوّق هذه النبتة على الدواء المستعمل بشكل كبير في كل أنحاء العالم.” ولفتت الى أن هذه البحوث تمت بالتعاون بين معهد المناطق القاحلة بمدنين ومعهد باستور المهتم بالأبحاث الطبية بتونس العاصمة. ومن جانب اخر أشارت الباحثة التونسية إلى “استكمال عملية البحث خلال الفترة القادمة من خلال إجراء بحوث أخرى على الحيوانات ليقع في مرحلة لاحقة الانطلاق في صنع الدواء للبشر. وبحسب الباحثة فان ” المعهد الوطني للمواصفات والملكيّة الصناعيّة هو الجهة التي منحت براءة الاختراع استنادا الى المواصفات العالمية في مجال الاكتشاف العلمي في مجال الأدوية المضادة لمرض سرطان الدم.”