لا يزال الحديث عن المسار الإصلاحي المتعثر الذي تنتهجه تونس حديث الساعة، سيما وأنه خلال الفترة الراهنة يؤدي وفد من الخبراء التابعين لصندوق النقد الدولي زيارة الى تونس لمعاينة الإصلاحات واتخاذ قرار حول تسهيل القرض الممدد من عدمه. ويجد رئيس الحكومة يوسف الشاهد نفسه في وضعية حرجة لا مناص منها موزّعا بين القيام بالإصلاحات الاقتصادية التي يطلبها المقرضون الدوليون لخفض العجز في الميزانية، و مواجهة ضغط الاتحاد العام التونسي للشغل الرافض قطعا للمسار الاصلاحي الذي تنتهجه الحكومة. و رغم تعثّر مسار الاصلاحات التي تقوم بها، تطمع تونس في موافقة صندوق النقد الدولي النهائية للإفراج عن الشريحة الخامسة من القرض المخصص لها ، والمقدرة بنحو 250 مليون دولار، على أن يتم صرفه بداية شهر أكتوبر المقبل. وحصلت تونس إلى حد الآن على مبلغ 1.2 مليار دولار منذ بدء صرف أقساط القرض في 2016، ومن المنتظر أن تحصل على نصف المبلغ المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي بصرف القسط الخامس، من إجمالي قرض مقدر بمبلغ 2.9 مليار دولار. وعقب الزيارة التي أدتها بعثة صندوق النقد الدولي إلى تونس خلال الفترة الممتدة بين 15 و31 أوت الماضي، كان الوزير المكلف بالإصلاحات الاقتصادية توفيق الراجحي قد أقرّ بصعوبة التفاوض مع ممثلي صندوق النقد الدولي نتيجة مطالبته بإيجاد حلول سريعة لفاتورة المحروقات، وتراجع قيمة الدينار التونسي مقابل العملات الرئيسية علاوة على البحث عن سياسات اقتصادية مجدية لمجابهة العجز المتزايد على مستوى الميزان التجاري… وكان صندوق النقد الدولي قد توصل إلى اتفاق في ماي 2016 لمساعدة تونس ببرنامج إقراض مدته أربع سنوات، تبلغ قيمته نحو 2.9 مليار دولار، مرتبط بإصلاحات اقتصادية تهدف إلى الإبقاء على عجز في ميزانية البلاد تحت السيطرة. وتحصل تونس على هذه المبالغ المقسطة إلى غاية شهر أفريل سنة 2020 وذلك تبعا لمدى التزام البلاد بتطبيق الإصلاحات الاقتصادية التي اتفق بشأنها مع صندوق النقد الدولي. و كثف صندوق النقد الدولي من عدد الأقساط المقدمة لتونس لتصل الى مليار دولار في السنة . و تعول تونس كثيرا على القرض الذي يسنده لها صندوق النقد الدولي على أقساط ، من أجل السيطرة على أزمتها الاقتصادية، في ظل الوضع الحساس الذي تعيش على وقعه. ويكشف لجوء تونس إلى الاقتراض الخارجي عن عمق الأزمة الاقتصادية التي تعانيها البلاد، حيث تختزل في عجز الموازنة وفي ظل الضغوط المتزايدة على الاحتياطيات النقدية من العملة الصعبة، فضلا عن شح السيولة في السوق المالية المحلية.