كما كان منتظرا أطل رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي في حوار تلفزي مباشر ليتحدّث عن أبرز عناوين الأزمة السياسية الخانقة التي تتخبط فيها البلاد في الآونة، التوافق وحكومة الوحدة الوطنية وأزمة نداء تونس وإستكمال المسار الإنتقالي والإستحقاقات الإنتخابية المنتظرة في سنة 2019. في المجمل لم تخرج تصريحات رئيس الجمهورية عن المتوقّع إلاّ في موضعين فقط يتعلّق الأوّل برفضه تفعيل الفصل 99 من الدستور الذي كان يمكن أن يكون له إنعكاسات سلبية كثيرة على الأوضاع رغم أن السبسي لم يعلن الرفض القطعي بل المرحلي لفعل ذلك أمّا الثاني فهو إعلانه القطيعة مع حركة النهضة منذ أسبوع وبطلب منها على حد قوله. “لم تعد هناك وحدة وطنيّة منذ اسبوع” بهذه العبارة رفض قائد السبسي وصف حكومة يوسف الشاهد الحالية بحكومة الوحدة الوطنية مرجعا السبب الرئيسي إلى القطيعة بينه وبين حركة النهضة والتي قال أنها كانت بطلب منها معلناأن خمس سنوات من التوافق قد إنتهت ملمّحا بشكلما إلى توافقات جديدة إستثنته أو تخلتعنه في المشهد. التوافق من زاوية نظر رئيس الجمهوريّة هو توافق يكون هو نفسه من يضع شروطه بشكل مباشر أو هكذا أراد أن يظهر في حواره التلفزي بالتصريح بشكل ما فنهاية “الوحدة الوطنيّة” فقط لكونه لم يعد على توافق مع حركة النهضة يؤكّد ان نظرة الأخير للمصلحة الوطنية متمركزة كثيرا حول ذلته وشخصه. الباجي قائد السبسي هو الذي إقترح يوسف الشاهد لرئاسة الحكومة خلفا للحبيب الصيد وهو الذي دعا إلى حوار في قصر قرطاج لإيجاد توافقات وسند سياسي واسع يمكّن الحكومة من نيل الثقة ويوفّر لها حزاما سياسيّا وكانت حركة النهضة جزءا من ذلك المسار دعما للإستقرار وهو ما لا زالت الحركة تفعله في ظل نقاط إستفهام كثيرة لا يريد المطالبون بإقالة يوسف الشاهد الإجابة عنها بما في ذلك رئيس الجمهورية نفسه في حواره التلفزي خاصّة كيفية التوافق حول البديل. تمسّك رئيس الجمهورية بالمسار الإنتقالي وبإجراء الإنتخابات القادمة وكذا بالحوار هومن صميم واجبه كرئيس لكلّ التونسيين أمّا سياسة التوافق في البلاد فلا تتعلّق بأشخاص بل تتعلّق بمضامين في خدمة المصلحة الوطنيّة وهو ما لا يستثني السبسي مطلقا ولا رئاسة الجمهورية كمؤسسة أو حتّى نداء تونس كحزب موجود في المشهد تحصل على أكثرية آخر إنتخابات تشريعيّة. لأوّل مرّة منذ إنتخابه رئيسا للجمهورية في نهاية سنة 2014 يصرّح الباجي قائد السبسي تلفزيّا بأنه رئيس بلا صلاحيّات ولا يكرّر أنه الرئيس الوحيد وفي الوقت هذه المرّة الأولى منذ أزمة الإنشقاقات داخل كتلة النداء التي يقول فيها السبسي علنا أن حركة النهضة هي الحزب الأوّل ويحمّلها المسؤوليّة رغم أنها كذلك منذ ثلاث سنوات. من جانبها وتعليقا على على ما ورد في حوار رئيس الجمهورية قال الناطق الرسمي باسم الحركة عماد الخميري في تصريحات صحفيّة أن النهضة ليست في قطيعة مع رئيس الجمهورية وأضاف أنها متشبّثة بفكرة التوافق. وفي نفس السياق أكّد الخميري أن النهضة متشبّثة بفكرة الإستقرارالحكومي وبالحوار خدمة لمصلحة البلاد مشدّدا على أن ما ورد في خطاب رئيس الجمهورية مهمّ وأنّ هناك مشكلا حقيقيّا في إدارة الإنتقال الديمقراطي لا يمكن تجاوزه إلاّ بمزيد من الحوار والتوافق.