اعترفت السعودية بجريمة مقتل الصحفي المعارض جمال خاشقجي بعد أكثر من أسبوعين من التكتّم والنفي ونسج الروايات لتأتي في الأخير برواية غريبة وعجيبة لم يصدقها إلا ترامب وشيوخ البلاط والسلطان والبعض من إعلامييها. جريمة خاشقجي تحوّلت من قضية عادية بين صحفي متمرّد ونظام حكم لا يعترف إلا بالرأي الواحد إلى قضية رأي عالمية وتداخلت فيها الدول والمصالح وخرجت منها دول منتصرة وأخرى منهزمة ومنكسرة. و من بين أكثر الدول انتصارا في قضية “خاشقجي” دولة كندا التي تعرضت لهجمة شرسة منذ أشهر قليلة وتأثّر اقتصادها بشكل كبير بعد توجيهات انتقادات للرياض بشأن انتهاكات لحقوق الإنسان. وقدّ أكّدت جريمة قتل خاشقجي الإدعاءات الكندية حول الانتهاكات المسلطة على المعرضين وفندت رواية الرياض بشأن احترامها لحقوق الإنسان والمعارضين. وكانت عديد الدول التي ساندت المملكة العربية السعودية في صراعها مع كندا منها الولاياتالمتحدةالامريكية وأغلب الدول العربية ودولا أخرى بينما لم تلق حكومة “أوتاوا” الدعم إلاّ من دول الاتحاد الأوروبي وبعض الدول الأخرى. وفي اوّل تعليق لها على جريمة مقتل خاشجقي،أصدرت كريستيا فريلاند، وزيرة الشؤون الخارجية، بيانا نشره موقع الحكومة الكندية. وقال البيان: “تدين كندا مقتل الصحفي جمال خاشقجي، الذي أكدت المملكة العربية السعودية حدوثه في قنصليتها في إسطنبول”. وأَضاف البيان: “إن التفسيرات المقدمة حتى الآن تفتقر إلى الاتساق والمصداقية”. وتابع:”كما نعرب عن تعازينا المخلصة لخديجة جينكيز أسرة وأحباء خاشقجي. إن الألم الذي يتحملونه نتيجة لهذه المأساة يدمي القلب”. واندلعت الأزمة الدبلوماسية بين السعودية وكندا في الخامس من أوت الماضي، إثر نشر السفارة الكندية بالرياض تغريدة تطالب فيها بالإفراج فورا عن ناشطين سعوديين اعتقلوا في إطار ما وُصف بأنه حملة قمع للأصوات المعارضة. وعقب ذلك، أعلنت السعودية استدعاء سفيرها لدى أوتاوا للتشاور وإمهال السفير الكندي 24 ساعة للمغادرة، متهمة كندا بالتدخل السافر في شؤونها الداخلية. وبالإضافة إلى طرد السفير الكندي شملت الإجراءات التي اتخذتها الرياض وقف التعامل التجاري مع كندا، بما في ذلك وقف رحلات الخطوط الجوية السعودية من وإلى “تورنتو” الكندية، ونقل نحو 7000 طالب سعودي من الجامعات الكندية. وبينما استدعت هذه الإجراءات ردود فعل أوروبية وأميركية وتضامن دول عربية على غرار الإمارات والبحرين مع السعودية، جددت الخارجية الكندية تأكيدها الاستمرار في الدفاع عن حقوق الإنسان في العالم. وأكد رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو الأربعاء الماضي التزام بلاده بالدفاع عن حقوق الإنسان “بقوة وبوضوح”، في أول تعليق له على الأزمة المستمرة بين بلاده والسعودية. وقال ترودو في مؤتمر صحفي بمونتريال “كندا ستعبر دائما عن موقفها بقوة وبوضوح، سواء في الخفاء أو في العلن، بشأن حقوق الإنسان”.