تعيشُ تونس على وقع مخاوف كبيرة تتعلق بارتفاع نسبة التداين و تعمق العجز التجاري خاصة في ظرف يتسم بتشتت الأوضاع الاجتماعية و السياسية و التراجع المتواصل للدينار التونسي امام الاورو والدولار . الأمر الّذي جعل تونس تتشبث بطوق نجاة ممثّلا في القروض المجزّأة التي يمنحها صندوق النقد الدولي ،مرفقة بحزمة من الشروط لعل آخرها تلك المتعلقة بتقليص كتلة الأجور و التي ارتفعت بين 2010 و2017 بحوالي 7000 مليار, ويرى الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي أنّ الحكومة التونسية مازالت منضبطة باتفاقها مع صندوق النقد الدولي فيما يخص تحديد كتلة الأجور وتجميد الانتداب بعد الاتفاق التي أبرمه الشاهد مع الاتحاد العام التونسي للشغل. وأضاف الشكندالي في تصريح ل”الشاهد”، اليوم الثلاثاء 23 أكتوبر2018، أنّ الحكومة التونسية التزمت أمام صندوق النقد الدولي بأن لا تتجاوز كتلة الأجور 14 في المائة من اجمالي الناتج المحلي وأن تجمّد الانتدابات أي أن يكون عدد المغادرين للوظيفة العمومية يساوي صفرا ، مؤكّدا أن الانتدابات في الوظيفة العمومية تساوي ربع عدد المغادرين الآن وهو ما يعني التزاما من الحكومة بتعهداتها. و يتكدّس عشرات الموظفين في الوظائف العمومية دون تقديم أي فائدة تذكر و لا يملكون أي عمل ينجزونه طوال النهار ما دامت دائرتهم ليست خدمية لكنهم يتقاضون نفس أجور زملائهم و يكبدون الدولة خسائر بالمليارات دون تقديم إسداء أيّ خدمة. و تعدّ كتلة الأجور في تونس من أعلى المعدلات في العالم حيث بلغت سنة2015، 14,1 % من الناتج الداخلي الخام وسجلت الأجور ارتفاعا ب2.932 مليون دينار سنة 2017 لتنتقل بذلك من 35.725 مليون دينار إلى 38.657 مليون دينار أي بارتفاع ب 8.2 %، ويعود هذا الفارق إلى النسبة المسجلة في الترقيات والمنح المقدرة ب 32.6 %. ونسبة 49 % تدابير جديدة و17 % للانتدابات الجديدة. و يُقدّر عدد الموظفين في تونس ب690 الف موظف في حين ان عدد سكانها لا يتجاوز ال12 مليون ساكن في المقابل فان عدد الموظفين في بريطانيا مثلا يقدر ب300 الف موظفا علما و انها تضم 30 مليون ساكن. و أكّدت دراسة للمعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية حول أزمة الوظيفة العمومية في تونس أن عدد الموظفين في القطاع الحكومي تضاعف 16 مرة منذ الاستقلال، إذ ارتفع من حوالي 36 ألفا عام 1956 إلى أكثر من 690 ألفا عام 2017. ويضع صندوق النقد الدولي خفض كتلة الأجور في صدارة شروطها إزاء مواصلة تمويل إصلاح الاقتصاد التونسي داعيا إلى النزول بكتلة الأجور إلى 12% من الناتج الاجمالي في غضون سنة 2020.