انّ ما تحتاجه بلادنا خلال هذه الفترة الحسّاسة، نظرا للوضع الاقتصادي والاجتماعي الخاص، يحتاج من المكوّنات السياسيّة تكثيف الجهود وتأجيل التّجاذبات الحزبيّة وتحييد مؤسّسات الدّولة عن امكانيات استغلال النّفوذ. وتشهد السّاحة تغيّرا على مستوى الخارطة الجيوسياسيّة، يتمّ تشكيل ملامحها تحت قبّة البرلمان، من خلال تشكيل تحالفات برلمانيّة بغاية الوصول إلى نقطة ال109، لتحقيق الأغلبيّة النيابيّة. أمر جعل نداء تونس يبحث عن حلفاء له داخل البرلمان لتكوين شبه جبهة سياسيّة لتمرير مشروعها، بعد اعلان رئيس الجمهوريّة انتهاء التّوافق مع حركة النّهضة بعد خمس سنوات من الاتّفاق منذ 15 أكتوبر 2013. في المقابل، اتّسمت مواقف المعارضة تزامنا مع الفترة الصّعبة التي تمرّ بها بلادنا، بالسلبيّة المطلقة، حيث لم تقدّم موقفا من التّحالفات الجديدة ولا موقفا من الصّراعات النّاشئة بين السّبسي الابن ورئيس الحكومة يوسف الشّاهد. وقد صرّح أحمد الصديق، رئيس كتلة الجبهة الشعبية في البرلمان، خلال استضافته في احدى البرامج التلفزية بقناة التّاسعة، أنّ ما يحدث اليوم من تجاذبات سياسيّة أمر لا يعنيهم في الجبهة الشّعبيّة، وأنّ الجبهة ضدّ هذه المنظومة التي أنتجت الوجوه السياسيّة الحاليّة. حمّة الهمامي، النّاطق الرسمي باسم الجبهة الشعبيّة، أكّد بدوره خلال حضوره في برنامج سياسي على قناة الحوار التونسي، أنّ الجبهة تعمل على توفير امكانيات وآليات الوصول إلى الحكم، وأنّها لن تقف مع أيّ طرف في الصّراع السياسي بين رئيس الحكومة والسبسي الابن. التيّار الديمقراطي أيضا، لم يبد موقفا استثنائيا يخصّ المرحلة الحاليّة، وتشارك مع الجبهة الشّعبيّة في غياب الحلول والمبادرات لحلحة الأزمة، ولعب دور مهم بصفة أو بأخرى لإيجاد حلول تدفع البلاد إلى النّهوض. فبالرّغم من الظّرف الصّعب الذي تمرّ به البلاد، بدت أحزاب المعارضة وفي مقدّمتها الجبهة الشعبية أو حركة مشروع تونس غير قادرة على التخلّص من أعبائها الأيديولوجية، لسبب بسيط هو أنها رهنت نفسها وخياراتها في مربّع ضيّق لا هدف له سوى مخاصمة حركة النهضة دون الغوص في المشاكل العميقة للبلاد، وهو ما جعلها غير قادرة على تقديم تصوّر عملي يجعل الناس يتجنّدون حولها أو يدافعون عن مشاريعها.