لم تكد تمر ساعات قليلة على العملية الارهابية التي وقعت في شارع الحبيب بورقيبة و التي أسفرت عن وقوع عدد من الاصابات حتى طرحت من جديد الدعوة إلى التعجيل بالمصادقة على مشروع قانون زجر الاعتداءات على القوات الحاملة للسلاح المقدم إلى البرلمان منذ سنة 2015 و الذي اثار الجدل باعتبار تداعياته على المنظومة الحقوقية في تونس إذ يتيح لحاملي السلاح من كل الاصناف صلاحيات واسعة، و يضعها فوق النقد و المساءلة و لا يقرن طبيعة الجنحة أو الجناية بعقوبة مناسبة. و يرى المتابعون للشان العام في تونس أن مصير القانون بات مرتبطا بشكل طرديّ بالعمليات الارهابية ، فلا تمرّ ساعة على هجوم ارهابي او حادث عرضي تضرر فيه الأمنيون حتى تسمع الاصوات المنادية بضرورة تمرير قانون زجر الاعتداءات على الأمنيين ،آخر هذه الدعوات صدرت من قبل ممثلين عن نقابات أمنية و من قبل رئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر الذي دعا الى التسريع في المصادقة على القانون المذكور مبديّا تضامنه مع اعوان الامن الذين أصيبوا خلال العملية الارهابية. و في مقال نشرته صحيفة الواشنطن بوست يوم أمس الخميس و ترجمه موقع “باب نات”، أعرب الباحث الدولي شادي حميد عن استغرابه من دعوة رئيس البرلمان محمد الناصر بعد ساعة من التفجير التسريع في المصادقة على قانون زجر الإعتداء على الأمنيين. واعتبر الكاتب ان هذا القانون من شأنه ان يكرس لثقافة الإفلات من العقاب حيث انه في العادة و في كل دول العالم تؤدي الهجومات الإرهابية الى اثارة الجدل حول تعزيز سلطات القوات الأمنية ،ففي تونس مثلا تم اقتراح مشروع هذا القانون سنة 2015 بعد الحادثة الإرهابية في شاطئ نزل امبريال مرحبا في سوسة وفي سنة 2017 بعد حادثة اخر ضغطت النقابات الامنية لتمرير القانون المذكور و التهديد بالتصعيد غير ان الضغوطات المحلية و الدولية حالت دون ذلك. و اضاف المقال بأن تونس منذ سنة 2013 تشهد عديد التجاوزات و التضييق على الحريات حيث تشير المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب الى تسجيل 631 حالة تعذيب في تونس بين 2013 و 2016 اضافة الى الافراط في استعمال القوة و القيود التعسفية المفروضة على السفر. واشارت اليومية الامريكية إلى ان هذه التجاوزات الامنية يمكن ان تكون سببا لتغذية الميولات الإرهابية و ليست حلا ففي دراسة اجراها المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية سنة 2018 تبين في مقابلات مع 83 ارهابيا في السجون التونسية ان 90% منهم قد توجهوا للتطرف بسبب قمع الدولة و التضييقات المسلطة على السلفيين. وختم الكاتب مقاله بالقول بأنه من المفهوم تمكين قوات الامن من صلاحيات اضافية لكن في نفس الوقت يجب التفكير مليا في نتائج هذا التمشي خاصة ان ديمقراطية تونس تعيش هزات عنيفة و مخاوف من عودة الإستبداد و التسلط. يذكر أن مشروع قانون عدد 25 لسنة 2015 والمتعلق بزجر الاعتداء على القوات المسلحة، أثار الكثير من الجدل منذ إيداعه بالبرلمان سنة 2015 ، حيث عبرت الكثير من منظمات المجتمع المدني على غرار الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين وجمعية بوصلة عن رفضها لهذا القانون، باعتباره يتيح لحاملي السلاح من كل الأصناف صلاحيات واسعة، ويضعها فوق النقد والمساءلة ولا يقرن طبيعة الجنحة أو الجناية بعقوبة مناسبة. واعتبرت هذه المنظمات أن هذا القانون إذا ما تم تمريره فإنه سيجهز على المكتسبات التي تحققت في الثورة وسيؤسس لدكتاتورية بوليسية. كما إنتقدت الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية، في بيان أصدرته في شهر نوفمبر 2017، على إثر مباشرة لجنة التشريع العام النظر في مشروع القانون، ما اعتبرته تناقض مشروع قانون زجر الاعتداء على القوات المسلحة مع أحكام الدستور ومختلف المعاهدات والمواثيق الدولية التي صادقت عليها الدولة التونسية.