“لأوّل مرّة أطلب اجراء ندوة صحفيّة منذ انتخابي”، هكذا افتتح رئيس الجمهوريّة الباجي قائد السبسي حديثه أمس، خلال النّدوة الصحفيّة التي انعقدت في قصر قرطاج، في اشارة منه إلى أنّ الأمر في غاية الأهميّة، وأنّ الوضع يتطلّب منه التّدخّل وطرح الحلول الممكنة، وكعادته أكّد الباجي في بداية حديثه أنّ مؤسّسة رئاسة الجمهوريّة مستقلّة وأنّه فوق التجاذبات الحزبيّة. وفي السياق، كرّر الباجي قائد السبسي نفس الجملة بصيغ مختلفة أربع مرّات خلال خطابه، حيث أكّد أنّه فوق الجميع، والدستور يضع رئاسة الجمهوريّة فوق الكل، وأنّه من واجبه السّهر على تطبيق القانون ومنع تجاوزه، وأنّ رئيس الحكومة يوسف الشّاهد مجبر بمقتضى القانون على استشارة رئيس الجمهوريّة في كلّ قراراته وخطواته. تمسّك الباجي في خطابه بموقفه من التّحوير الوزاري ورئيس الحكومة، لكنّه توقّف عند الاجراءات القانونيّة وكشف أنّه سيقبل بحكومة الشّاهد بعد عرضها على البرلمان وكسب ثقة نوّاب الشّعب، وأوضح الباجي أنّ قبوله بالحكومة ليس من باب القناعة، لكنّه من باب تحمّل المسؤوليّة الدستوريّة وبصفته رئيس الجمهوريّة فمن واجبه تسهيل الأمور لا تعطيل عمل الدّولة. كما أشار الباجي في خطابه إلى امكانيّة عودة التوافق مع حركة النّهضة، وأكّد أنّ علاقته برئيس حركة النّهضة، راشد الغنوشي ماتزال متواصلة ولم تنقطع رغم الأزمة السياسيّة بين النّداء والنّهضة، وقد تفاعلت حركة النّهضة مع هذه النّقطة بالذّات في بيانها أمس، حيث ثمّنت دور رئيس الجمهوريّة وجهوده للحفاظ على حياديّة مؤسسات الدّولة وسعيه إلى تجميع الجميع لإيجاد حلول تخرج بتونس من عنق الأزمة. وتفاعل الباجي مع دور الاعلام في التعامل مع التّجاذبات السياسيّة الأخيرة، حيث أبدى استياءه من التّوجيه الاعلامي وما اعتبره من توظيف وتأويل لتصريحاته ومواقفه، كما علّق على كلمة “بوصطاجي” التي وردت في احدى الصّحف، واعتبر أنّ الاعلاميين من دورهم وواجبهم الالتزام بالخطّ الوطني، حسب تعبيره. يبدو أنّ رئيس الجمهوريّة أراد تأكيد التزامه بعلويّة الدّستور والتزامه بصلاحياته التي تخوّلها له مؤسّسة رئاسة الجمهوريّة، خاصّة بعد تصاعد الأحداث الأخيرة وما أثاره التّحوير الوزاري من تجاذبات بين النّداء ورئيس الحكومة. فهل ترك الباجي حنينه إلى النّظام الرّئاسي؟