تجاوزت الحكومة مسألة منح الثقة للتحوير بنجاح معنوي كبير في ظلّ أزمة سياسية استمرت لحوالي 8 أشهر ولكن ورغم تجاوزها لهذه العقبة فمازالت أمامها عديد الرهانات الأخرى مثل الميزانية وخاصة في علاقتها بالاتحاد العام التونسي للشغل والمؤسسات المالية العالمية. وفي هذا الصدد،حذر مسؤول كبير بصندوق النقد الدولي من أنه يجب على تونس إبقاء فاتورة أجور القطاع العام تحت السيطرة لتجنب مشاكل خطيرة متعلقة بالديون، بعد أن اتفقت الحكومة على زيادة أجور نحو 150 ألف موظف بالشركات الحكومية. وردا على سؤال عن وجهة نظر الصندوق بشأن الاتفاق، قال جهاد أزعور مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد إن دراسة أجراها الصندوق في الآونة الأخيرة تُظهر أن فاتورة أجور القطاع العام التونسي بالفعل من بين الأعلى في العالم، بالنظر إلى حجم اقتصاد البلاد. وقال أزعور في مقابلة هذا الأسبوع "من المهم جدا للحكومة أن تحافظ على السيطرة على الإنفاق الجاري وأن تبقي السيطرة على فاتورة الأجور". وأضاف أزعور”سيسمح لهم هذا بتحقيق الأهداف المالية التي حددوها للعام 2019، وسيخفف أيضا الضغط الإضافي الذي ستفرضه زيادة الإنفاق على دافعي الضرائب”. وقال أزعور إن الحكومة بحاجة إلى تنفيذ “سياسة مالية شديدة المحافظة” ستسمح لها بتقليص عجز ميزانيتها تدريجيا إلى مستويات مقبولة للاقتصاد. وفي أواخر الشهر الماضي، ألغى الاتحاد العام التونسي للشغل إضرابا في أنحاء البلاد للعاملين في القطاع العام بعد أن وافقت الحكومة على زيادة الأجور وعدم بيع شركات حكومية. وفي سياق متصل،رجّح الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي أنّ الحكومة التونسية مازالت منضبطة باتفاقها مع صندوق النقد الدولي فيما يخص تحديد كتلة الأجور وتجميد الانتداب بعد الاتفاق التي أبرمه الشاهد مع الاتحاد العام التونسي للشغل. وأضاف الشكندالي في تصريح ل”الشاهد” أنّ الحكومة التونسية التزمت أمام صندوق النقد الدولي بأن لا تتجاوز كتلة الأجور 14 في المائة الناتج المحلي وأن تجمّد الانتدابات أي أن يكون عدد المغادرين للوظيفة العمومية يساوي صفر مؤكّدا أن الانتدابات في الوظيفة العمومية تساوي ربع عدد المغادرين الآن وهو ما يعني التزاما من الحكومة بتعهداتها. وأكّد الشكندالي أن الحكومة يمكن أن تتفادى النقص المتأتي من الاتفاق مع اتحاد الشغل في ميزانية الدولة وفي ميزانية المؤسسات العمومية من خلال هامش الفرضيات الخاطئة أو من خلال قانون المالية التكميلي موضّحا أنّه في كل ميزانية توجد فرضيات بناء على تقديرات معينة بناء على بعض التغيرات مثل سعر البترول وسعر الصرف.. وقال الخبير الاقتصادي إن تونس التزمت لدى صندوق النقد الدولي بتحقيق 4.5 بالمائة نمو في غضون 2020 وبلوغ نسبة البطالة إلى 12 في المائة إضافة إلى التخفيض في المديونية إلى 70 في المائة من الناتح المحلي وأن لا يتجاوز العجز في الميزانية 3 في المائة وتحديد كتلة الأجور ب14 بالمائة من الميزانية والتخفيض في نسب التضخّم إلى 4 بالمائة. وأكّد محدثنا أنّه تونس غير قادرة على تحقيق 3 التزامات وتحقيق نسبة النمو ب4.5 بالمائة والتقليص من البطالة إلى 12 في المائة والتخفيض في نسبة التضخّم إلى 4 في المائة مبيّنا صعوبة الالتزام بتعهداتها فيما يخصّ لتخفيض في نسبة المديونية والعجز في الميزانية. وشدّد الشكندالي على أن الحكومة لم تتخذ الإجراءات اللازمة من اجل ذلك بتعبئة الموارد الجبائية خاصة مع ارتفاع سعر البرميل وتراجع قيمة الدينار الذي سيؤثّر في استخلاص الديون والموارد المستوردة