تجدُ حكومة الشاهد نفسها في منتصف معادلة صعبة ، وسط اكراهات يسلطها صندوق النقد الدولي الذي يطالب تونس بتجميد كتلة الأجور و بين مطالب الاتحاد الشغل الذي يُلوّح باضراب في الوظيفة العمومية في حال عدم الزيادة في الأجور. و تعيشُ تونس على وقع مخاوف كبيرة تتعلق بارتفاع نسبة التداين و تعمق العجز التجاري خاصة في ظرف يتسم بتشتت الأوضاع الاجتماعية و السياسية و التراجع المتواصل للدينار التونسي امام الاورو والدولار . الأمر الّذي جعل تونس تتشبث بطوق نجاة ممثّلا في القروض المجزّأة التي يمنحها صندوق النقد الدولي ،مرفقة بحزمة من الشروط لعل آخرها تلك المتعلقة بتقليص كتلة الأجور و التي ارتفعت بين سنتي 2010 و2017 . و يرى خبراء الاقتصاد أنّ كتلة الاجور سوف تصل سنة 2018 الى 16 مليار دينار في حين ان ميزانية الدولة في حدود 37 مليار دينار. و بحسب النقد الدولي فإنّ فاتورة أجور القطاع العام التونسي تعدّ من أعلى الأجور في العالم، بالنظر إلى حجم اقتصاد البلاد ، فيما يرى اتحاد الشغل ان مطالب الزيادة في الاجور تأتي في إطار الرغبة في تحسين القدرة الشرائية للمواطن التونسي الذي وجد نفسه عاجزا امام الارتفاع المتواصل للاسعار. و قال الامين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي أن الإتحاد ثابت على مبادئه المبنية أساسا على ضمان حقوق الشغالين قائلا: “الإتحاد هو أكبر قوة في البلاد وأذكر الحكام الجدد بأنه لولا ساحة محمد علي لما كنتم موجودين في الحكم ..لم نطلب الزيادة في الأجور بل تحسين المقدرة الشرائية”. من جهته أكد حفيظ حفيظ الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل ان المفاوضات مازالت معطلة في الوظيفة العمومية امام تملص الطرف الحكومي من التعهّدات التي أمضى عليها وتراجعه في تنفيذ التزاماته تجاه العديد من القطاعات والجهات. وشدد في هذا السياق على انه من غير المنطقي أن تحرم حكومة الشاهد الأجراء في الوظيفة العمومية من الزيادة في الأجور وتترك أموال المجموعة الوطنية في جيوب المتهربين وبارونات التهريب وتتهاون في استرجاع ديونها المتخلدة لدى الأشخاص والمؤسسات، وفق تعبيره. يذكر ان الهيئة الادارية الوطنية للاتحاد العام التونسي للشغل قررت اثر اجتماعها مع الحكومة الغاء الاضراب المزمع تنفيذه يوم 24 اكتوبر 2018 في القطاع العام، لكنها اكدت ان اضراب الوظيفة العمومية ليوم 22 نوفمبر لا يزال قائما الى حين استئناف المفاوضات . يشار إلى أن الزيادات بعنوان سنوات 2017 و2018 و2019 لفائدة الإطارات وأعوان التسيير والتنفيذ بالقطاع العمومي تترواح حسب مشروع الاتفاق بين 270 و 205 د.