تحتاج تونس، في مقام أول، التوفيق بين أهداف وطموحات الطبقة السياسية التي نريد الوصول إليها من أجل النهو بواقع الشعب وتوفير أسباب رفاهيته بإقامة المشاريع الكبرى وادماج المناطق الداخلية”الأقلّ نموا”، في النسيج الوطني العام، وتقليص الفوارق بين الفئات والجهات، كي تسهم كل جهة بما لديها من امكانيات في خلق واسناد الثروة بالعمل والتفاني في تجويد المنتوجات والتميز على صعيد وطني وعالمي. كلّ هذه الطموحات من شأنها أن تجعل تونس واجهة نموذجية في الانتاج، من خلال العمل والدخول في منافسة جادة مع الدول التي كانت تشبهها على مستوى التنمية، كالمغرب وجنوب افريقيا.. فبعد أن كانت هذه الطموحات عناوين البرامج الحزبية بعد الثورة، أصابها يأس اثر واقع التعنت المقيت من بعض الأطراف للعودة بنا إلى الوراء. وان عدم التقاء مكونات الساحة السياسية والمنظمات النقابية، على مستوى الرهانات والبرامج المستقبلية، قد يعطل محاولات النهوض واستعادة حلم الثورة، بالانتصار للشعب وهمومه وطموحاته. وفي وطن يؤسس إلى الديمقراطية بعد تجربة ثرية منذ 2011، إلى حد اللحظة، حيث بينت جل الأطراف تبنيها لمنهج الديمقراطية والاحتكام إلى علوية الدستور ومبادئ الديمقراطية، أصبح غير ممكن أن يُستبعد منها أي طرف. ويبقى دور الاتحاد العام التونسي للشغل والمنظمات النقابية على اختلافها، مهما في بناء تونس، لا على شاكلته الحالية التصعيدية، بل بعودته إلى مربع الفعل النقابي والدفاع عن الطبقة الشغيلة وفقا للامكانيات المتاحة ومع ومراعات ظرف البلاد. لأن ما تحتاجه تونس فعلا هو الحكمة الوطنية، من أجل النهوض بعيدا عن تأبيد الخلافات السياسية.