دعا حزب نداء تونس في بيانه الصّادر يوم 25 نوفمبر 2018، السّلطة القضائيّة إلى التّسريع في النّظر في ملفّ شكاية الأمين العام للحزب، سليم الرياحي، والذي تقدّم منذ يومين بشكوى للقضاء اتّهم فيها مجموعة من الأسماء من بينهم رئيس الحكومة يوسف الشّاهد والمدير العام للأمن الرئاسي، بالتّخطيط للانقلاب. وأوضح الرياحي، في حواره مع قناة أجنبيّة، أنّه يملك أدلّة واثباتا على ادّعائه، وقد قدّمها إلى محاميه في تونس ليتقدّم بملف القضيّة إلى القضاء العسكري، ليبحث في القضيّة. وقد انتقد البعض اختيار ظهوره في قناة أجنبيّة للحديث عن شأن داخلي، وتوجيه تهمة التخطيط لانقلاب، وصفه بالنّاعم. ويثير هذا الموقف الحزبي من جديد ملف الضغوط التي يتعرض لها القضاء في معالجته لملفات كبرى ذات أبعاد سياسية. ويأتي ذلك رغم أنّ نداء تونس، ما انفك يتحدث في عدة مناسبات عن حياديّة المؤسّسة القضائيّة باعتبارها الضّامن الأوّل لاستمرار مسار الديمقراطيّة في بلادنا. وهو أمر تجمع عليه الأطراف السياسية في مواقفها الرسمية. لكن موقف نداء تونس الأخير، يبدو كأنّه دعوة للقضاء للتسريع في قضية خاصة في معركة حزبية يراها كثيرون تصفية حسابات، وهو ما من شأنه أن يشوّش على استقلاليّته ويسيء لدولة المؤسسات، حيث أنّ بعض التصرفات والمبادرات التي تتجاوز مبدأ التصريحات ترمي إلى ممارسة ضغوطات على قضية بيد القضاء. حيث يفترض أن يكون القضاء سلطة مستقلة وحيادية بعيدة عن التجاذبات السياسية والتكتلات المصلحية، حتى تتمكن من القيام بدورها في تلبية حق المواطن في العدالة، الذي يمثّل أحد أبرز حقوق الإنسان. واعتبر أستاذ القانون الدّستوري، قيس سعيّد أنّه لم يعد ممكنا في بلد اختار الديمقراطيّة منهجا، أن نرى فيه مثل هذه الدّعوات بالتّسريع وتوجيه السّلطة نحو زاوية معيّنة في القضيّة. وأضاف الأستاذ قيس سعيّد في تصريح ل”الشاهد”، أنّه يجب على السياسيين وكلّ مواطن تونسي أن يحترم علويّة القضاء والدّستور، وأن يثق في عدالته دون موجب دفع أو توجيه أو ضغط، لأنّه لا يمكن أن نطال قاض بالعدل تحت الضّغط السياسي أو الاعلامي أو الشّعبي. وتجدر الاشارة إلى أنّ الحملة الانتخابيّة لحركة نداء تونس خلال انتخابات 2014، بُنيت على عديد الوعود من بينها الالتزام بفتح ملفّي اغتيال الشّهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، وهو ما دفع هيئة الدّفاع عن الشّهيدين لتذكير رئيس الجمهوريّة بوعده القديم عندما كان مرشّحا للرئاسة. وقد أصبح الحديث عن تفاصيل الملفّات القضائيّة والمنشورة لدى الدوائر المختصّة، علنيّا، ودون تحفّظ على مجريات القضيّة حتّى صدور الحكم النهائي واستكمال المسار القضائي، فقد صارت الملفات السريّة متاحة للعموم، وبدل التوجّه إلى القضاء، تُعقد النّدوات في النزل الفاخرة لتقديم تسريبات من ملفّات القضايا، في سياق حملات انتخابيّة مبكّرة. فهل تحوّلت الملفّات القضائيّة إلى مجرّد صكوك مقايضة سياسيّة؟