مازالت هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي تتأرجح بين القضاء والسياسة في أهم قضية عرفتها تونس بعد الثورة، في محاولة لاستغلالها كلّما أتيحت الفرصة ومع اقتراب كل استحقاق انتخابي وسياسي. وحملت هيئة الدفاع عديد التناقضات في تصريحاتها والمعطيات التي قدمتها في محاولة لحشر حركة النهضة في الزاوية خاصة بعد الندوة الصحفية التي نظمتها الهيئة يوم 2 أكتوبر الفارط ومازجت خلالها بين تدخلات السياسيين و”معطيات” الأساتذة المحامين لتبرز بشكل واضح البعدين السياسي والقانوني القضائي لهذه القضية. وفي أخر إطلالاتها ،أكد عضو هيئة الدفاع كثير بوعلاق يوم السبت أن الهيئة ليست لديها أية نية للادعاء ضد حركة النهضة لحلها أو ايقاف نشاطها وذلك خلال اللقاء الذي انتظم بجزيرة جربة في اطار سلسلة اللقاءات التي تعقدها الهيئة بالجهات لإطلاع الشعب التونسي على تفاصيل ملف الشهيدين وإخراجه من قاعات المحاكم. وأشار عضو الهيئة كثير بوعلاق الى أن للهيئة 9 شكايات لها 4 سنوات في أدراج النيابة العمومية ولم يتم فيهم الحفظ للقيام بالمسؤولية الخاصة أو فتح بحث تحقيقي بشأنهم ليؤكد مجددا أن الهيئة أمام تعنت كبير وإشكاليات على مستوى المرفق القضائي. ويأتي هذا التصريح بعد سويعات قليلة من تصريح الأستاذ علي كلثوم عضو هيئة الدفاع الذي أكّد أن الهيئة تعتزم رفع قضية لدى المحكمة الجزائية للمطالبة بحل حركة النهضة استنادا إلى قانون مكافحة الإرهاب الذي يخول حل أي حزب أو جمعية يثبت ارتباطها بالإرهاب. وأوضح أن الفصل 7 من قانون الإرهاب يخوّل لأي كان طلب حل أي جمعية أو أي حزب ثبت تعامله مع الإرهاب، معتبرا أن حركة النهضة حركة إرهابية بالكاشف وثبتت علاقة رموزها وقياداتها بالعمل الإرهابي في تونس، على حد تعبيره. وهي ليست المرّة الأولى التي تصدر عن الهيئة تصريحات متضاربة لعدّة اعتبارات منها التجاذبات بين المكونات السياسية داخل الهيئة خاصة مع وجود أطراف محسوبة عن حزب الوطد وأخرى عن حزب التيار الشعبي. هذه التناقضات ليسب بالجديدة حيث قال عضو الهيئة رضا الرداوي إن حركة النهضة غير مورطة في الاغتيالات السياسية، ولا علاقة لها بالتنظيم السري المعلن عنه في وقت سابق. وأضاف الرداوي، لراديو “اوليس” يوم 14 نوفمبر الفارط:”نحن كهيئة دفاع لا نتجه الى منع النهضة من النشاط السياسي أو إدانتها، فالنهضة لديها أنصارها ومن حقها ممارسة السلطة وفق الدستور”. وتابع قائلا: "الرداوي:”حركة النهضة وقيادتها وقواعدها وقيادتها العليا وأعضاء مجلس الشورى وأعلى مستوى قيادتها نعتبرها لا علاقة لها بالاغتيالات السياسية”. الرداوي نفسه كان قد صرح في الندوة الصحفية يوم 2 أكتوبر 2018 أن حركة النهضة ضالعة في التجسس لجهات أجنبية مبيّنا وجود جهاز تنظيمي سري مرتبط بحركة النهضة وعلى علاقة بالاغتيالات السياسية. وتابع ان هناك معطيات تكشف التجسس على سفارة الولاياتالمتحدة والسفير الفرنسي بتونس ومعطيات متعلقة بالتعامل مع أجهزة أجنبية تهم معطيات أمنية حساسة في المؤسسة العسكرية الجزائرية والرئاسة الجزائرية. المحامي خالد عواينية صهر الشهيد محمد البراهمي كان قد اتهم حركة النهضة بالوقوف وراء اغتيال صهره وذلك يوم واحد بعد اغتياله مؤكّدا امتلاكه لعديد المؤشرات على ذلك. ولكن في 24 أكتوبر 2017،عاد عواينية ليتهم المخابرات الفرنسية مؤكّدا انه من الثابت تورّط المخابرات الفرنسية في عملية الاغتيال عن طريقة أذرعها السلفية في تونس. التناقضات لم تقف عن هيئة الدفاع بل حتى بعض القيادات السياسية التي تأرجحت بين لاتهام والنفي وتحميل المسؤولية للنهضة باعتبارها احد مكونات الحكم في 2013. حمة الهمامي اعتبر في السابق أن حركة النهضة لها مسؤولية أخلاقية في اغتيال الشهيدين بلعيد والبراهمي ليعود في هذه الفترة ويؤكّد أن هيئة الدفاع تملك كل والوثائق والأدلّة على تورط حركة النهضة في الاغتيالات.