لا شكّ في أن الحكومة التونسيّة في هذه الفترة بين المطرقة والسندان، فهي في مواجهة مع العجز الاقتصادي للبلاد وفي حرب مع الإرهاب والفساد، وككلّ نهاية سنة فهي في مواجهة مع الاحتجاجات الشبابيّة في الجهات من جهة، ومع الإضرابات التي شملت تقريبا كل القطاعات من جهة أخرى. وظلّت الحكومة رهينة المطالبة بحقوق الموظفين والعاملين بالبلاد في ظل الغلاء غير المسبوق الذي يعاني منه المواطن التونسي وبين املاءات صندوق النقد الدولي الذي يعارض الزيادة في كتلة الأجور. امتحان صعب تمرّ به الحكومة وكلّ دقيقة تهدر في غير البحث عن حلول جذريّة للإشكاليات العالقة تمثّل خطوة نحو مزيد تأزّم الوضع. وأكّد المحلّل السياسي صلاح الدين الجورشي أن نسق الاحتجاجات من المتوقع أن يتّجه نحو مزيد التصعيد والتوسّع خلال الفترة القادمة خاصّة مع اقتراب الذكرى الثامنة للثورة. واعتبر الجورشي في تصريح لموقع “الشاهد” أن مشكلة الحكومة أنها دون دعم حزام سياسي قوي، مشيرا إلى ضرورة أن تكون الأطراف التي تؤلفها أكثر انسجاما ودفاعا عن الحكومة التي أقاموها وشكّلوها. كما شدّد على أن أوّل خطوة يجب أن تسعى إليها الحكومة هي التوصل إلى اتفاق مع اتحاد الشغل للنأي به عن المشاركة الفعلية في تصعيد حالة الاحتقان الاجتماعي، معتبرا أن الفشل في التوصّل لحل مع المنظمة الشغيلة والاستعداد لتنفيذ الإضراب في الوظيفة العمومية من شأنه أن يزيد من حالة الاحتقان وأن يضفي شرعيّة على الاحتجاجات. كما اعتبر المحلّل السياسي أن امكانية المناورة للحكومة لازالت متاحة وأنها بصدد البحث عن اقتراحات تحاول ان تقنع بها الطرف النقابي، مشيرا إلى أنه من الممكن ان يقع الاتفاق حول الزيادة في الأجور في فترة زمنية معقولة وبشكل متدرج. وأضاف أن صندوق النقد الدولي إذا ما عُرضت عليه مسألة تمس من استقرار الدولة وحماية الوضع الاجتماعي من التأزم فإنه يمكن أن يساهم في التوصل إلى حل وسطي. وشدّد على أن الأبواب لم تغلق نهائيا بين الاتحاد والحكومة