قبل سنة من موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة 2019 بدأت الحسابات الانتخابية والحملات المبكرة تُسيّر المشهد لما في ذلك المشهد البرلماني التي بات يطفو على رمال متحركة تنقسم فيها كُتل وتولد أخرى ..حركية توازي التحولات السياسية في تونس ,تحوّلات تنشأ في مؤسسات الأحزاب وتمتد الى كواليس البرلمان. ويرجع متابعون للشأن العام ،السياحة الحزبية في تونس، الى التحولات التي شهدتها تونس خلال سنة 2011 التي جعلت من الساحة السياسية تدخل في مرحلة مخاض أو انتقال على المستوى السياسي فجل الاحزاب حديثة وقيادات اغلبها ليست لهم تجربة سياسية كافية لتحديد خياراتهم النهائية. وألقت الاستقالات بظلالها في مجلس النواب واستفحلت في قواعد الكتل البرلمانية و تنامت وتيرتها مخلفة فوضى وراءها و انفلاتا أخلّ بنظام السلطة التشريعية ،تغييرات جوهرية عرفها البرلمان في الفترة الاخيرة تُوحي بإعادة تشكل كتل برلمانية على حساب اندثار أخرى ، فالمشهد البرلماني قابل للتغير و التحول في أي وقت في ظل تأكيد المحللين السياسيين على ضرورة القطع مع الارتباك وتجاوز حالة التشتت التي تشكو منها اغلب مؤسسات الدولة وأهم الأحزاب السياسية. و بحسب منشورات منظمة بوصلة فإن أكثر من ثلث نواب الشعب غيروا إلى حد الآن كتلهم البرلمانية، فعلى217 نائبا تنقل 74 من كتلة إلى أخرى، ومن بين هؤلاء النواب هناك مجموعةغيروا كتلهم مرتين أو ثلاث أو أربع مرات، مع الإشارة إلى أن أكثر النواب تجوالا بين الكتل ينتمون في الأصل إلى كتلة نداء تونس. و مؤخّرا شهد البرلمان انضمام النائب عن ولاية صفاقس الهادي قدّيش، إلى حركة مشروع تونس وإلى كتلتها النيابية “الحرة ، لتكون الكتلة المذكورة ثالث محطة برلمانية لقديش الذي دخل البرلمان كنائب عن نداء تونس ثم استقال منه والتحق بكتلة الولاء للوطن . واستقال قديش من نداء تونس في فيفري 2018 بسبب خلافات حول تشكيل قائمات الحزب للانتخابات البلدية المنعقدة في 6 ماي المنقضي وخصوصا حوب القائمة المترشحة ببلدية صفاقس الكبرى وبهذا الانضمام يرتفع عدد نواب كتلة الحرة الى 16 نائبا و في أكتوبر الماضي ، أعلن رئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر، في افتتاح أشغال مجلس نواب الشعب لدورة برلمانية جديدة ترتيبا جديا للكتل البرلمانية حافظت فيه حركة النهضةعلى المرتبة الأولى ب 68 نائبا، وجاءت كتلة “الائتلاف الوطني” ثانية ب 47 نائبا، وتراجع حزب نداء تونس إلى المرتبة الثالثة ب 43 نائبا، بعد أن أنهى “النداء”، الدورة البرلمانية الماضية خلال جويلية، ثانيا ب55 نائبا ،مع العلم أن النداء فاز في انتخابات 2014، ب89 مقعدا من أصل 217 نائبا. ومنذُ انتخابه في سنة 2014، لم يعرف مجلس الشعب استقرارا يذكر، إذ يشهد بين الفينة و الأخرى استقالات وتغيّرات تهز الكتل من حين إلى آخر. ويرى مراقبون أن استقرار المشهد البرلماني أو تغيره يبقى رهين الحركة التي يشهدها المشهد السياسي عموما فما البرلمان الا مساحة مصغّرة تعكس التحولات السياسية في تونس ,لكن التغيّرات داخل هذه المساحة لها أثر كبير خاصة في علاقة بتجميع الاصوات في المصادقة والتصويت أو في الطعن والإسقاط . و يرى المحلل السياسي و الديبلوماسي السابق عبد الله العبيدي في تصريح “للشاهد” ، أنّه و باستثناء حركة النهضة التي تدار بطريقة مركزية منسجمة ، فإن أغلب الكتل البرلمانية عرفت حراكا في مشهد يذكرنا بالاحزاب التي سبقت انتخابات (2014) و التي اتّفق على تسميتها “السياحة الحزبية” ، و بحسب محدثنا عبد الله العبيدي ، فإنّ النواب في خضم هذا الحراك لا يبحثون عن عائلات فكرية تُمثّل توجهاتهم بقدر ما يبحثون عن جهة تضمن لهم “البقاء” و “الاستمرارية” ، فمُحركهم الأساسي في تنقلاتهم هو فقط مصالحهم .