ينقسم الشارع الرياضي في تونس ما بعد الثورة بين متشائم من سياسة الحكومة الرياضية وبين متفائل بغد أفضل لقطاع طالما مثل قاطرة للتنمية ولترويج صورة ناصعة عن تونس في العالم، على غرار ما أنجزه العداء محمد القمودي أوائل الستينات في طوكيو عندما رفع العلم في وقت كان أكثر من نصف العالم لا يعرف أن تقع تونس. فقد عاشت الرياضة التونسية بعد الثورة عديد الهزات والإخفاقات بسبب غياب الإرادة السياسية لإصلاح هذا القطاع الذي سجل بعض الإنجازات التي لا يمكن أن نمر عليها مرور الكرام. 7 وزراء بينهم امرأتان تقلدت 6 أسماء منصب وزير شؤون الشباب والرياضة بعد ثورة الحرية والكرامة كان أولهم علي علولو ضمن حكومة محمد الغنوشي الثانية وحكومة الباجي قايد السبسي وواصل مهامه إلى 1 جويلية 2011 ليترك مكانه للمرحوم سليم شاكر قبل أن يتسلم أول رياضي سابق منصب وزير الرياضة وهو طارق ذياب ضمن تشكيلة حكومة حمادي الجبالي وواصل في منصبه مع حكومة علي العريض ليغادر بعد انتخابات 2014. ومن 29 جانفي 27 أوت 2016 مر بالوزارة الأستاذين صابر بوعطي وماهر بن ضياء، قبل أن تصبح ماجدولين الشارني أول امرأة تتسلم وزارة شؤون الشباب والرياضة وتواصلت مهمتها إلى غاية يوم 5 نوفمبر الفارط عندما أعلن رئيس الحكومة يوسف الشاهد عن تعيين امرأة ثانية على رأس الوزارة وهي الدكتورة سنية بالشيخ. عدم الاستقرار والاستمرارية على رأس الوزارة جعل الإصلاح شبه مستحيل خاصة في ظل عدم وجود إرادة سياسية لذلك وأصبح هذا القطاع “عجلة خامسة” يتمعش منه المسؤولين في التتويجات للظهور في الصورة ويختفون عند الإخفاق. وضعية كارثية يمكن القول إن الرياضة من القطاعات التي تأثرت سلبا بمجريات الثورة حيث فرض الويكلو في أغلب الملاعب والقاعات بسبب استشراء غول العنف بين الجماهير وعجز المنظومة الأمنية عن إيجاد الحلول الكفيلة بفرض الأمن في الملاعب وصل حد وفاة محب النادي الافريقي عمر العبيدي غرقا بعد مطاردة أمنية. الثورة عرّت أيضا حقيقة المنشآت الرياضية المهترئة والتي وصلت حد عدم إيجاد ملعب يحتضن دربي العاصمة بعد أن نظمت تونس اثنين من أكبر التظاهرات الرياضية وهما “كان” 2004 ومونديال كرة اليد “2005”. كنا ننتظر أن ينكب المسؤولون على القيام بالإصلاحات الضرورية حتى نقول إن الرياضة عاشت ثورتها لكن الواقع يقول إن الجميع استفاد من مناخ الحرية التي ساد منذ يوم 14 جانفي 2011 لتصفية حساباته الضيقة وأصبحت المنابر الإعلامية مكانا لتبادل الاتهامات التي لا تسمن ولا تغني من جوع ونسي الجميع دورهم الإصلاحي حتى تأخرنا أشواط كبيرة في جميع الاختصاصات الرياضية. تتويجات وإنجازات لئن أصبح وضع الرياضة بعد الثورة مترديا، إن لم نقل كارثيّا، لكنّ رياضيينا سواء في الرياضات الفردية أو الجماعية تحدوا الواقع ونجحوا في تحقيق إنجازات ستبقى خالدة. البداية كانت بتتويج كرة القدم ببطولة افريقيا للاعبين المحليين إبان أيام قليلة من الثورة ثم دوري أبطال افريقيا الذي عاد لتونس سنة 2011 بفضل الترجي كما تربعت كرة السلة على عرش القارة لأول مرة وعادت باللقب من مدغشقر في خريف 2011. وفي أولمبياد لندن 2012 تألقت حبيبة الغريبي ومنحت تونس أول ميدالية ذهبية نسائية كما توج السباح أسامة الملولي بنفس المعدن.. وفي أولمبياد ريو 2016 حققت تونس ثلاث ميداليات برنزية في ثلاث اختصاصات جديدة هي المبارزة بفضل إيناس بوبكري والمصارعة بإنجاز مروى العامري والتايكواندو عن طريق أسامة الوسلاتي. في سنة 2018 توجت تونس بطلة افريقيا في ثلاث الرياضات الجماعية اليد والسلة والطائرة كما عاد منتخب كرة القدم للمشاركة في المونديال بعد أن غاب عنه منذ مونديال 2002. ومنحت الرباعة غفران بلخير تونس أول ميدالية ذهبية في أولمبياد الشباب