صادق مجلس نواب الشعب خلال الجلسة العامّة المنعقدة يوم أمس الثلاثاء على ثلاث مشاريع قروض جديدة بقيمة 879 مليار و308 ألف دينار، وقد صوّت البرلمان على مشروع قانون يتعلق بالموافقة على اتفاق القرض المبرم في 7 جوان 2018 بين الجمهورية التونسية والبنك الدولي للإنشاء والتعمير لتمويل مشروع دعم جودة أساسيات التعليم المدرسي برمته ب 102 نعم 14 احتفاظ و16 رفض، كما تم التصويت على مشروع قانون يتعلق بالموافقة على اتفاق القرض المبرم بتاريخ 25 جانفي 2018 بين الجمهورية التونسية والبنك الإفريقي للتنمية لتمويل مشروع دعم الربط الطرقي بالشمال الشرقي برمته ب 96 نعم 15 احتفاظ و01 رفض. وصوّت البرلمان كذلك على مشروع قانون يتعلق بالموافقة على اتفاق القرض المبرم بتونس بتاريخ 21 ديسمبر 2017 بين الجمهورية التونسية والبنك الإفريقي للتنمية للمساهمة في تمويل مشروع مساندة تنمية القدرات التقنية والتكنولوجية برمته ب97 نعم 17 احتفاظ ودون رفض. لا يسعنا في هذا التقرير ذكر قائمة القروض التي مرّرتها الحكومات المتعاقبة طيلة الثمان سنوات التي تلت الثورة، لكن المعطيات التي أفصح عنها النائب عن الكتلة الديمقراطية بالبرلمان سالم الأبيض كشفت أن تونس اقترضت في الفترة ما بين “31 ديسمبر 2014 و31 ديسمبر 2018″ نحو 40 ألف مليار. وأكّد الخبير الاقتصادي محمد الصادق جبنون أن الدين العمومي وصل إلى مستويات مقلقة بالنسبة لدولة نامية مثل تونس وأن الأصل في الشيء بالنسبة للدول النامية أن لا يتجاوز الدين العمومي 60 % من الناتج الداخلي الخام في حين أن تونس وصلت إلى ال 70% وإذا ما تم احتساب الديون الخاصة والمؤسسات العموميّة تبلغ النسبة ال 90%. وأضاف جبنون في تصريح ل”الشاهد” أن المقلق أكثر من ذلك هو أن الدين الأجنبي يمثّل 148% من الصادرات التونسية سنة 2017 بمعنى أن مداخيل الصادرات والسياحة يستهلكها العجز التجاري والدين لتبقى دائما الميزانية في حاجة إلى تمويلات، مضيفا أنه، في سنة 2019 مثلا، على الحكومة ان تموّل خلاص الديون بقيمة 10 مليار دينار وستقترض نفس المبلغ في الآن نفسه أي أن كل ما ستقترضه سيذهب إلى سداد خدمات الدين لتصبح عملية الاقتراض صفرية أي أن التنمية لا تستفيد منها. وكشف الخبير الاقتصادي أن قروض التنمية تتعثّر كثيرا بدورها ويزيد عبئها المالي نظرا للتأخر في تنفيذ المشاريع العمومية وللانحدار المتواصل للدينار التونسي أمام عملات الاكتتاب اليورو والدولار والين، مشيرا إلى أن الحديث عن ال 40 مليار دينار ديون التي اكتتبتها هذه الحكومة يبيّن أنه، في غياب محرّك الاستثمار ومحرّك الإنتاج وأمام العراقيل القائمة والتي بيّنها التقرير 31 لمحكمة المحاسبات، يصبح اللّجوء للاقتراض مثل المرض العضال الذي يعاني منه الاقتصاد التونسي في غياب نقلة اقتصادية نوعية وسياسات اقتصاديّة تطرح منوالا جديدا يقوم على القيمة المضافة العالية والتصدير. واعتبر محمد الصادق جبنون أن الدين لا يمكن أن يكون خيارا للتنمية المستدامة والمتوازنة، وأن الإشكاليات عالقة نظرا لتعطل الإنتاج في الفسفاط وتعطل إنتاج النفط والتوريد المكثف الذي ضرب الصناعة والفلاحة التونسية التي بقيت موسمية رغم نجاحاتها في قطاعي زيت الزيتون والتمور. وختم جبنون بالقول إن الضعف الهيكلي في الاقتصاد التونسي جعل من الاقتراض الخيار الأسهل المطروح أمام صاحب القرار