يشهد اقتصاد البلاد ارتفاعا غير مسبوق في نسبة التضخّم التي بلغت ذروتها في نهاية سنة 2018 ب 7.5 وهي النسبة الأعلى المسجلّة منذ 20 سنة، وقد أوصى صندوق النقد الدولي في هذا الصدد الحكومة باتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة الوضع المالي للبلاد والموازنة العامة تتلخّص في زيادة الإيرادات الضريبية ومنع زيادات الأجور في الوظيفة العموميّة. التضخّم بات يهدّد معيشة المواطن التونسي الذي اهترأت مقدرته الشرائيّة بسبب الزيادات المشطّة في جميع السلع المعروضة خاصّة منها الغذائيّة، دون حلول تذكر من قبل الحكومة أو غيرها مما أثار حفيظة المنظمة الشغيلة التي ما فتئت تحتجّ لإنقاذ “قفّة التونسي”. وقد عجزت الحكومات المتعاقبة عن محاربة ارتفاع الأسعار أو الحدّ منه، وهو ارتفاع يعود إلى الانزلاق المتواصل للدينار التونسي أمام أهم العملات الأجنبيّة وإلى ظاهرة “الغلاء المستورد” نتيجة استيراد العديد من المواد بالعملة الصعبة وبأسعار مرتفعة. هذه الأزمة صاحبها فقدان للمواد الأساسيّة والضروريّة التي يستعملها التونسي يوميا كالحليب والبيض والسميد والزيت وغيرها من المواد الغذائيّة، الشيء الذي عمّق معاناة العائلات التونسيّة وساهم في بروز ظاهرة “اللهفة” على اقتناء هذه المواد مما جعلها تباع بالأسعار غير المحدّدة لها. ولم تقتصر التداعيات السلبية لارتفاع الأسعار على التضخّم وعلى غلاء المعيشة على المواطن البسيط، بل امتدّت إلى تهديد السلم الاجتماعي بالبلاد وتأجّج موجات الاحتجاجات التي شملت جميع ولايات الجمهوريّة والتي وصلت في بعض الأحيان الى محاولات انتحار. وقد أكّد الخبير الاقتصادي محمد الصادق جبنون أن الحكومة ليس لها القدرة في التحكّم في الأسعار، وأن ذلك بيد لوبيات فاعلة خاصة وأن 80 بالمئة من مستلزمات التونسي سلع غير مدعمة وبالتالي لا يمكن التحكم في سعرها. وأضاف جبنون في تصريح للشاهد أن هذه السلع مرتبطة مباشرة بظروف التوريد وحتى المجهود الإيجابي الذي قامت به المراقبة الاقتصاديّة يظلّ منقوصا نظرا لقلة التجهيزات والعتاد، وفق تعبيره. ولم تهتد الحكومة لحل سوى اعطاء تعليمات لعدد من أعضاء الحكومة لزيارة عدد من الجهات لترؤس اللجان الجهوية لمراقبة الأسعار وتفقد عدد من أسواق الجملة ومسالك التوزيع للضغط على الأسعار والتصدي للاحتكار ورفع تقارير حينية لرئيس الحكومة وتكثيف نسق هذه الزيارات، إضافة الى ترؤس رئيس الحكومة كل يوم اثنين للاجتماع الدوري للجنة الوطنية للتحكم في الأسعار ومقاومة التهريب والتجارة الموازية. وتشير المعطيات إلى أن تونس تحتلّ المرتبة الثالثة على مستوى دول شمال افريقيا في مؤشر تكلفة المعيشة لسنة 2017، وقد جاءت الرباط في المركز الأول، ثم الجزائر ومصر في المرتبة الرابعة