تشعّبت أزمة التعليم في تونس وتعمّقت بعد أن تداخلت مختلف الأطراف في النزاع بين الجامعة العامّة للتعليم الثانوي ووزارة التربية، فتفّرقت السبل دون إيجاد حلول كفيلة باحتواء الأزمة التي أصبحت تهدد منظومة التعليم برمّتها. لم تعد تقتصر أزمة التعليم على الحركات الاحتجاجيّة التي تنتهجها نقابة التعليم والتي تعدّدت أشكالها من مقاطعة امتحانات إلى حجب أعداد إلى مقاطعة الدروس، بل شملت كذلك التلاميذ الذين ثاروا على الوضع المتردّي الذي يزاولون فيه تعليمهم منذ فترة وخرجوا في مسيرات من معاهد الجمهوريّة تقريبا للمطابة بحقهم في التعليم. كما تدخّل بعض الأولياء الذين استشعروا الخوف من شبح سنة بيضاء تهدّد أبناءهم التلاميذ وتهدّد مستقبلهم الدراسي فنفّذوا بدورهم تحرّكات احتجاجيّة طالبوا فيها بالبحث عن حلول عاجلة كفيلة بإرجاع أبنائهم إلى مقاعد الدراسة وإنجاح السنة الدراسيّة السوداء، على حدّ تعبيرهم. وامتدّت الأزمة لتطال الأساتذة النواب الذين رفضوا الوضع الهش والعقود الهشّة التي تربطهم بالوزارة رغم سنين العمل صلبها ورغم ما قدّموه لأبناء هذا الوطن وجيل المستقبل، فنفّذوا بدورهم وقفات احتجاجيّة بالمندوبيات الجهويّة للمطالبة بالترسيم، كما ساهمت قرارات الوزارة في عزل بعض المدرسين في تعتيم الوضع ببعض الجهات حيث عمد زملائهم كذلك إلى تنفيذ وقفات احتجاجيّة تطالب بعدول الوزارة عن قراراتها. وأكّد الكاتب العام المساعد للجامعة العامة للتعليم الثانوي باتحاد الشغل مرشد ادريس أن الاعتصام بمقر وزارة التربية والذي انطلق منذ يوم الاثنين الفارط متواصل ليومه الثالث إلى حين الوصول إلى اتفاق يلبّي مطالب قطاع التعليم. وأضاف ادريس في تصريح لموقع “الشاهد” أن الاعتصام جاء للضغط على الوزارة من أجل العودة إلى المفاوضات دفاعا عن مدرسة أبناء الشعب التونسي، خاصة أمام توقف الدروس في جل المعاهد الثانوية والمدارس الإعدادية والتحركات التلمذية التي انطلقت منذ الأسبوع الفارط مشيرا إلى أن هذه التحرّكات فيها غضب شديد من التلاميذ تجاه سلطة الإشراف بالأساس التي اغلقت باب التفاوض مع نقابة التعليم الثانوي. وذكّر ادريس بأن المطالب المتعلقة بالقطاع تتلخّص في 3 نقاط أساسية وهي تحسين الوضع المادي للمدرسين والتقاعد والدفاع عن المدرسة العمومية وضرورة العودة لإصلاح المنظومة التربوية المهترئة، كما أشار إلى أن لجنة التربية والثقافة بالبرلمان عقدت لقاءين متتاليين مع وفد عن الجامعة العامة للتعليم ووزير التربية حاتم بن سالم في انتظار ان تتفاعل الوزارة مع هذا الوضع “خاصة انها تتحمل المسؤولية جراء التسويف والمماطلة في إيجاد حلول مطروحة منذ أكثر من سنة”. وأوضح مرشد ادريس أن الجامعة في انتظار بوادر حلول مقترحة من وزارة الاشراف للتفاعل معها ايجابيا من أجل الوصول الى اتفاق يلبّي طلبات قطاع التعليم الثانوي يتم على ضوئه مراجعة القرارات والعودة الى الظروف العادية داخل المدارس والمعاهد. كما عبّر الكاتب العام المساعد للجامعة العامة للتعليم الثانوي عن أسفه الشديد ورفضه لانتهاج وزير التربية سياسة تسليط العقوبات على المديرين والمدرسين عوض أن تهتم بالوضع التربوي والأزمة التربوية المتواصلة منذ أشهر معتبرا ذلك سياسة الهروب للأمام والتشفي. وشدّد المتحدّث على أنه من المفروض على وزير التربية أن يبحث عن حلول لتنقية المناخ التربوي والاجتماعي من أجل الوصول إلى حل والتخلي عن لغة الوعيد والتهديد والتصعيد التي يمارسها، مضيفا أن الجامعة ستدافع عن كل زملائهم الذين تم اتخاذ اجراءات عقابية في شأنهم وخص بالذكر زميلهم في سيدي بوزيد الذي اتخذت في شانه الوزارة ايقاف تحفظي وزميلهم الذي اتخذ في حقه قرار العزل. وأشار مرشد إدريس إلى أن الاعتصامات متواصلة في المندوبية الجهوية للتربية بسيدي بوزيد دفاعا عن الزميل المذكور، مشيرا الى أن مثل هذه الممارسات من شأنها أن تعمّق الأزمة وتعمق حالة الاحتقان الموجودة مطالبا الوزارة بالتخلي عن هذه القرارات العقابية وضرورة التعجيل بعقد جلسة مفاوضات جدية ومسؤولة تنهي هذه الأزمة المتواصلة وفق تعبيره. وكان وزير التربية حاتم بن سالم قد شدّد في العديد من التصريحات على أن الوزارة ستطبّق القانون إزاء الخروقات التي يقوم بها المربّون