لم تمض أيام على ولادة الحزب الجديد لرئيس الحكومة يوسف الشاهد الذي أطلق عليه تسمية “تحيا تونس” حتّى أثار الحزب الجديد جدلاً سياسيّا و قانونيّا. وتعرّض الحزب خلال الأيّام الماضية إلى نقد واسع من أطرافٍ مدنيّة وسياسية، مقابل أنصار الشاهد الذين استماتوا في الدفاع عن المشروع الجديد باعتباره القاطرة التي ستوحّد العائلة الديمقراطية، وبين هذا وذاك يتساءلُ كثيرون عن كيان الحزب وأهدافه وهل سيخدم المشروع الديمقراطي أم سيخدم زعميه يوسف الشاهد؟ معارك قانونيّة عقب الإعلان عن الحزب الجديد نهاية الأسبوع الماضي شنت منظمة “أنا يقظ” حملة تحت شعار “تونس تحيا أما إنتوما إلي ما تحياوش”، بعد تدخل الحكومة لدى الاتحاد الأوروبي، من أجل رفع التجميد عن أموال رجل الأعمال مروان مبروك، توازيا مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية و تزامنا مع الإعلان عن الحزب الجديد. كما عمدت المنظمة إلى تسجيل عبارة “تحيا تونس”، التي تم إطلاقها على حزب رئيس الحكومة يوسف الشاهد الجديد، في الملكية الفكرية، في محاولة منها لقطع الطريق أمام الحزب للحصول على هذه التسمية. ولوحت الجمعية التونسية للمحامين الشبان، برفع قضية ضد مؤسسي الحزب باعتبارهم استولوا على شعار وطني (تحيا تونس) مشترك لكل التونسيين وليس حكرا على حزب . في المقابل، اعتبر القائمون على الحزب الجديد أن هذه الخطوة لن تجبرهم على تغيير الاسم، وهي غير قانونية ولا تشمل قانون الأحزاب. اتّهامات تعرّض حزب تحيا تونس والذي خرج إلى النور يوم الأحد 27 جانفي الفارط بولاية المنستير معقل الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة إلى هجومٍ شرس من أحزاب المعارضة التي اعتبرته “تحيّلا على التونسيين”، حيث اتهمت المُعارضة الشاهد باستعمال نفوذه في تأسيس حزب يتكون من وزراء وبرلمانيين ومئات المستشارين في البلديات وسمته “حزب الحكومة”. واتهمت أحزاب الجيهة الشعبية والتيار الديمقراطي وآفاق تونس رئيس الحكومة يوسف الشاهد رئيس الحكومة يوسف الشاهد، ب”استغلال إمكانيات وأجهزة الدولة لتأسيس حزب سياسي سينافس به في الاستحقاقات الانتخابية القادمة”. ومن المنتظر أن تُجري تونس انتخابات عامة، في الخريف المقبل، لانتخاب نواب البرلمان ورئيس جديد للبلاد، في انتخابات تشريعية تعتبر الثالثة ورئاسية تعد الثانية بعد ثورة 2011. تغيّرات في الخارطة السياسية تؤكد كلّ المعطيات والتقارير الإعلامية أن رئيس الحكومة يوسف الشاهد قد ينجح في افتكاك القاعدة الانتخابية لنداء تونس والعديد من الأحزاب الوسطية التي كانت بمثابة حزام الأمان له، وذلك بعد أن نجح في استمالة عدد من قياداتها. يظهر ذلك من خلال تصريح وزير الفلاحة سمير الطيب ممثل الشق اليساري في الحكومة والذي أبدى استعداده للتفاعل إيجابيا مع فكرة الحزب الجديد، ووصولاً إلى دعوة محسن مرزوق الأمين العام لحركة مشروع تونس و الذي دعا مكوّنات العائلة الديمقراطية إلى الالتحاق بحزب تحيا تونس. كما يستأثر الحزب بثاني أكبر كتلة بالبرلمان ب44 مقعدًا لنوابٍ كانوا قد استقالوا من كتلة نداء تونس، التي تراجعت من المركز الأول ب86 مقعدا إلى المركز الثالث ب41 مقعدا. واتهم نداء تونس حزب “تحيا تونس” بالاستيلاء على حزبهم ومرجعيته السياسية وقواعده، وكذلك باستنساخ برامجه ومشاريعه. وقال المنجي الحرباوي رئيس لجنة الإعلام بنداء تونس، إن حزب تحيا تونس قام بالسطو على الكتلة النيابية لحزب نداء تونس في البرلمان وعلى قواعده وكوادره الجهوية والمحلية، قبل أن يقوم بالسطو على شعاراته وحتى تسميته. وكان حزب نداء تونس قد طالب برحيل الشاهد وحكومته، في خطوة شكلت منعرجا آخر في سياق الأزمة التي لم تهدأ والشقوق التي أضعفت النداء وحولته إلى كُتيلات متصارعة. العائلة “الدّيمقراطية” وحُلم التوحّد فشلت جُلّ الأحزاب الديمقراطية الاجتماعية والقوى الوسطية في الحفاظ على وحدتها الداخلية ولم تنجح كل محاولات تقاربها وتوحدها، وبدلاً من الالتقاء واصلت تشتتها الذي كان واضحا في الانتخابات التشريعية والرئاسية الفارطتين بعد الفشل الذريع الذي حصدته وظلت على هامش المشهد السياسي التونسي. وتأمل هذه الأحزاب الّذي اجتمع أغلبها تحت راية حزب يوسف الشاهد الجديد إلى كسر لعنة التشرذم التي طوقت وطوال سنوات عمل الأحزاب الديمقراطية، والتجمّع تحت مشروع سياسي مُوحّد يصعبُ تفكيكه وقادر على تحقيق التوازن في الساحة السياسية التي تشهد اختلالا في موازين القوى. وتتواصل الضغوطات السياسية على يوسف الشاهد “الابن المُتمرّد على نداء تونس” الذي سطع نجمه في صائفة 2017 بعد إعلانه الحرب على الفساد. ورغم أن الأخير لم يتحدث عن طموحاته الخصيّة إلاّ أنّ اعتقادا سائدا بدأ يترسخ في الأوساط السياسية، هو أنّ رئيس الحكومية بات يتحيّن الفرصة المناسبة والتوقيت العملي لإعلان المنعرج الجديد في مسيرته الشخصية