شهدت الساحة الوطنية الأسابيع المنقضية موجات خروج جماعيّة من أحزاب بينها آفاق تونس والنداء ومشروع تونس والجمهوري والمبادرة وغيرها من الأحزاب التي تشهدُ عمليّة تفريغ مُقابل تعبئة المشروع السياسي ليوسف الشاهد الذي ستتوّج أعمال تأسيسه اليوم الأحد 27 جانفي 2019 بمدينة المنستير. عمليّةُ التّعبئة التي زادت من مستوى سرعتها في الشهر الجاري وبطريقة غريبة عن أساسيات وقواعد تشكّل الأحزاب السياسيّة، أعادت إلى الأذهان ما حصل مع نداء تونس عند تأسيسه، حيثُ جمع الحزب سنة 2012 أي قبل سنتين من الانتخابات التشريعية والرئاسية الأخيرة بين الروافد الإيديولوجية على اختلافاتها الجوهريّة ومجموعة المتناقضات، ووضعت في سلّة واحدة ما أفضى إلى فشل الحزب بعد سنتين وتستت على وقع الزعامات والمصالح الفئويّة وانفجر إلى كتيلات سياسيّة تفرعت على أكثر من حزب، أحدها حزب الشاهد. “ثما بلاصة للناس الكل وباش نعملوا كل ما في وسعنا باش يكونوا موجودين معانا”، بهذه الكلمات أعرب الكاتب العام للحكومة رياض المؤخر عن رغبته في التحاق مهدي جمعة وياسين ابراهيم وسعيد العايدي بالمشروع السياسي الجديد لرئيس الحكومة يوسف الشاهد، مُشدّدًا على “انفتاح المشروع السياسي الجديد على العائلة الديمقراطية الوسطية الحداثية التي يتقاسمون معهم نفس الرؤى.” وتابع المؤخر الذي كان ينتمي سابقًا لآفاق تونس: “الحزب الجديد سيولد أقوى من نداء تونس وسنسعى لأن نكون الأغلبية في البرلمان وهذا ما سيمكننا من القيام بإصلاحات عميقة وخاصة إصلاح المؤسسات والإدارة”. في المقابل أعرب المكتب السياسي لحزب آفاق تونس عن استنكاره ما أسماه ب” الأساليب الدنيئة والفوضوية التي يعتمدها الحزب الجديد للدولة عبر محاولة التشويش على بقية الأحزاب والإيهام الكاذب بوجود موجات خروج جماعية منها”. وأعلن عدد من القيادات الوطنية والجهوية والمحلية لحزب “آفاق تونس”، خلال اجتماع نظموه مساء أمس السبت بسوسة، استقالتهم من الحزب ومن كافة هياكله والتحاقهم بالمشروع السياسي الجديد، الذي ينسب لرئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد. ومن أبرز القيادات المستقيلة رياض المؤخر (كاتب عام الحكومة الحالي) وحافظ الزواري وكريم الهلالي وهاجر بن الشيخ احمد ونعمان قرع وفاتن القلال وإسماعيل الغدامسي. من جانبه، اتّهم نداء تونس الشاهد ب”شق وحدة” الأحزاب والكتل البرلمانية، وقال الحزب في بيان إنّ “الشاهد استقبل مجموعة من نواب كتلة نداء تونس، في مقرات الدولة بقصر الضيافة في قرطاج، ليطلب منهم الاستقالة من الكتلة والالتحاق بكتلة الائتلاف الوطني”. و أكّد القيادي بنداء تونس المنجي الحرباوي ” أن المشروع السياسي الجديد ليوسف الشاهد يحاول السطو على اسم نداء تونس ورصيده الشعبي وخزانه الانتخابي، من خلال دعوة نوابه في كتلة الائتلاف إلى اجتماعات موازية تحت غطاء إصلاح حزب نداء تونس، ومن ثمة يتم استقطاب مناضليه في ممارسات مفضوحة” في المقابل نفى وليد جلاد النائب عن الائتلاف الوطني ما يُقال حول السطو على نداء تونس وقواعده، مشيراً إلى أن النداء انهار بسبب حوكمته وقيادة حافظ قايد السبسي، الذي استولى على الحزب مستغلاً رمزية والده كمؤسس للحزب ورئيس للبلاد. من جانبه أفاد السياسي محمود البارودي و الملتحق بالمشروع السياسي لرئيس الحكومة يوسف الشاهد، أن نداء تونس فشل في أن يكون حزبا وفقد ثقة التونسيين فيه و بالتالي فهو يتفهم مشاعر قياداته “المجروحة”، على حدّ وصفه. ويرى مراقبون أنّ مصير حزب يوسف الشاهد والذي يتشكل حاليّا على أرضية هلامية جامعة للزعامات المتناقضة لن يختلف كثيرا عن مصير نداء تونس الذي فشل في تسيير البلاد، ما جعله يقفز من سفينة الحكم إلى المُعارضة، إراديّا و قبل أن يُكمل عهدة حكمه!