لم يعد لرئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي حديث رسمي خارج البلاد إلا على المساواة في الميراث الذي اقترحه. فحيثما حلّ، كان الموضوع الأهم الحديث عن المساواة في الميراث والذي جعل منها هدفا وشعارا لهذه المرحلة وربّما لعهدته التي يريد أن يختمها بفرض هذا القانون على الداخل بمباركة خارجية. السبسي حوّل دبلوماسية الرئاسة إلى التسويق للمساواة في الميراث رغم ما تعانيه تونس مشاكل جمّة في عديد المجالات وخاصة الاقتصادي والذي يراه البعض أولى بالدبلوماسية التونسية. وفي هذا الصّدد، خصّص رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي حيزا هامّا من كلمته التي ألقاها اليوم الاثنين 25 فيفري 2019 خلال الجزء الأول رفيع المستوى من الدورة 40 لحقوق الإنسان بجنيف لمشروع قانون المساواة في الميراث. واعتبر قائد السبسي أن مشروع القانون المذكور “يمثّل تواصلا للنفس الإصلاحي التونسي”، مذكّرا في هذا السياق بالقوانين التي كانت تونس سبّاقة في إقرارها على غرار مجلّة الأحوال الشخصية ومنع الرّق، مشددا على أن مشروع قانون المساواة في الإرث سيكون ثورة اجتماعية ثانية للكرامة والمساواة. ودافع رئيس الجمهورية عن دستورية مبادرته مستندا في ذلك إلى الفصل 21 منه، مشدّدا على أنّ مشروع القانون المذكور لا يتعارض مع الإسلام الذي قال إنه خصّ المرأة بمكانة مميزة وضمن لها حقوقها وكرامتها. وانتقد رافضي مشروع القانون مبرزا أن تمريره وتحوّله إلى قانون أمر ممكن، بالنظر إلى التوازنات السياسية الحالية. السبسي وخلال مشاركته في مؤتمر الاتحاد الإفريقي في أديس أبابا تحدث عن المرأة ومسألة المساواة بعد لقائه برئيسة أثيوبيا، حيث قال إن “ترشح المرأة التونسية للرئاسة يجب أن لا يكون “مجرد سينما”، بل يجب عليها دعم مواصلة مسيرة تونس نحو التقدم والرقي”. وأكد رئيس الجمهورية أن ‘المرأة التونسية منذ الاستقلال كانت في مستوى الثقة التي منحها إياها الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة وتونس العصرية، متابعا أنه ولحسن حظها “هي في المقدمة إلى اليوم رغم المشاكل التي نقاسيها”، على حدّ تعبيره. وكان السبسي وأثناء زيارته إلى مالطا قد أشرف على ندوة حول تدعيم المساواة بين الجنسين حيث أعرب رئيس الجمهورية، عن قناعته الراسخة بأنه لا ديمقراطية دون حضور فاعل للمرأة في الحياة العامة، باعتبار أن المجتمعات المستقرة والمزدهرة هي تلك التي تنعم فيها المرأة بحقوقها كاملة، مؤكدا “أن تاريخ تونس يزخر ببصمات متميزة لتونسيات استثنائيات، ساهمن في نحت التجربة التونسية الاستثنائية”، وأن الحركة الإصلاحية في تونس التي تعود الى القرن التاسع عشر ساندت تحرر المرأة في بلد عربي اسلامي. واعتبر الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، أن تونس "تستحق عن جدارة لقب العاصمة العربية للمساواة بين الرجل والمرأة لعام 2019" إذا تمت المصادقة على مشروع القانون المتعلق بالمساواة في الميراث من قبل البرلمان التونسي. وشدد السبسي خلال ندوة حول دعم المساواة بين الجنسين في زيارته التي يؤديها إلى مالطا، الأربعاء، على "دور الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة في تحرير المرأة خاصة من خلال محاربة الأمية. واعتبر أن مجلة الأحوال الشخصية التي صدرت سنة 1956، سنة استقلال تونس، مثلت آنذاك “ثورة تشريعية حقيقية”، مبينا أن هذه المجلة تعد تشريعا رائدا يدعو إلى تحقيق مزيد من التقدم ولا يتعارض بأي شكل مع تعاليم الدين، مشيرا في السياق ذاته، إلى مبادرته بإنشاء لجنة الحريات الفردية والمساواة، وتقديم مشروع قانون المساواة في الميراث، قصد مزيد تدعيم حقوق المرأة المدنيّة والسياسيّة والاقتصادية والاجتماعية، وملاءمتها مع ما أقرّه دستور 2014. ملف المرأة لم يقتصر على زيارات السبسي الأخيرة حيث كان من أهم نقاط لقاء السبسي بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على هامش القمة الفرنكوفونية في أرمينية في أكتوبر الفارط، وشهد اللقاء مساندة الرئيس الفرنسي لتوجهات السبسي في مسألة المساواة في الميراث بين الجنسين