تصنّف البلاد التونسية ضمن الدول التي تعاني من الجفاف ومن شبه الجفاف، بمعدل كمية الأمطار في السنة لا يتجاوز 100 مم في أقصى الجنوب ويصل 1500 مم في أقصى الشمال الغربي. ونظرا لشحّ الأمطار في البلاد والتي تتواصل على مدى سنوات فإن تونس تستنزف وبشكل كبير الثروات المائية الجوفيّة من خلال الحفر العشوائي للآبار ما اضطر السلطات المعنيّة الى تجريم الاعتداء على المائدة المائيّة الباطنية. ونلاحظ أنه في السنوات التي تشهد كميّة هامّة من الغيث النافع، فإن السدود الموجودة لا تفي بالحاجة لاستيعاب مياه الأمطار واستهلاكها وبالتالي يتم تنفيس السدود وتهدر الثروات المائيّة في البحر بل تتسبّب أيضا في فيضانات وتجرف كل ما يعترضها من بنايات وفلاحة ومواشي وغيرها. تعاني تونس أيضا من تملّح الطبقة المائيّة الجوفيّة، وقد اعتبر خبراء بيئيون أن الحل الأمثل يكمن في استعمال المياه المعالجة والمياه المحلاة لتجنب استعمال المياه التقليدية المتأتية أساسا من المياه السطحية أو الجوفية. وأفاد التقرير الوطني حول الموارد المائية بالبلاد التونسية بأن الموارد المائية الجوفية في تونس تقدّر بحوالي 2165 مليون متر مكعب في السنة تتوزع حسب العمق على الخزانات المائية الجوفية قليلة العمق، أي أقل من خمسين مترا وتحتوي على موارد مائية جوفية تقدر بنحو 745 مليون متر مكعب في السنة وعلى الخزانات المائية الجوفية العميقة وهي التي يفوق عمقها 50 مترا وتحتوي على موارد مائية تقدر بنحو 1420 مليون متر مكعب في السنة منها 770 مليون متر مكعب في السنة موارد مائية متجددة تتوزع على مناطق الشمال والوسط و650 مليون متر مكعب في السنة موارد غير متجددة توجد بالخزانات المائية بالجنوب. وأكد الخبير التونسي الدولي في مجال الطاقة مصطفي بن أحمد العيساوي أن الخزان الجوفي” ساس” المنتشر بتونس وليبيا والجزائر منظومة مائية جوفية كبيرة لا غنى عنها لاستمرار الحياة في أجزاء شاسعة من هذه الأقطار المغاربية، وتبلغ مساحته أكثر من مليون كلم2 موزعة كالتالي (ألجزائر 700 ألف كلم2، ليبيا 250 الف كلم2 وتونس 80 ألف كلم2). واعتبر أن هذه المنظومة الجوفية مستغلة حاليا بقرابة 8800 بئر عميقة ومتوسطة بكل من الأقطار الثلاثة ويفوق الاستغلال الجملي 2.2 مليار متر3 في السنة أو 70.1 متر3 في الثانية موزَعة كالتالي (الجزائر 40.1 متر3 في الثانية، ليبيا 10.8 متر3 في الثانية وتونس17.2متر 3 في الثانية). وكشف العيساوي أن الموارد المائية للسَاس تتعرّض الى استنزاف كبير في البلدان الثلاثة وقد انعكس ذلك على تدهور كبير في نوعية المياه وهبوط كبير في مناسيب المياه الجوفية وكل المؤشرات تؤكد تواصل هذا الاستنزاف للسنوات القادمة. ويرى الخبير أن إنجاز معهد إقليمي خاص بهذه المنظومة الجوفية أمر ضروري و ملح تكون مهمته الأساسية التعمق في المعطيات العلمية المتعلقة باستغلال هذه المنظومة الجوفية وتوفير كل المعطيات والبيانات التي تزيد من إحكام إدارة مواردها ومتابعة المؤشرات وتحيين قواعد البيانات الخاصة بهذه المنظومة وتطويع كل الأساليب والتقنيات التي من شأنها تطوير الدراسات والمتابعة وتكوين والإحاطة بالفنيين العاملين في “الساس” بالبلدان الثلاثة ودعم آلية التشاور. واقترح العيساوي أن يكون مركز المعهد بمدينة واقعة ضمن حدود “السَاس” في إحدى البلدان الثلاث.