لا زال الجدال بين إدارة المجمع الكيميائي التونسيبصفاقس “سياب” ومنظمات المجتمع المدني قائما بين مطالب بغلق المصنع على اعتباره المصدر الأساسي لتلوّث الشريط الساحلي الجنوبي وبين متشبّث ببقائه على اعتبار أنه ليس الملوّث الرئيسي لمياه البحر وأنه يتشارك في المسؤوليّة مع المصانع الأخرى. ورغم إقرار إدارة “سياب” بأن النشاط الكيميائي للمصنع المذكور يتسبّب يوميّا في تلويث المحيط من خلال الافرازات والانبعاثات السامّة لوحدتي الحامض الكبريتي والحامض الفسفوري ورغم البحوث والمعاينات المجردة لما آل اليه الشريط الساحلي الجنوبي فإن المصنع يواصل نشاطه الى الآن رغم الوعود الحكوميّة بإغلاقه للحد من الكارثة البيئيّة. وأكد عبد الحميد الحصايري رئيس جمعيّة حماية البيئة بصفاقس أن الشريط الساحلي الجنوبي ملوّث وأن السبب الرئيسي في الكارثة البيئيّة مصنع “السياب” باعتباره المساهم الأكبر في القاء الفضلات في البحر ولانه السبب في تركيز مصانع مماثلة له في الجهة ومصبات كمصب النفايات ومصب المرجين والديوان الوطني للتطهير. وذكّر الحصايري في تصريح لموقع الشاهد أن “السياب” بدأ نشاطه سنة 1952 أي أن المصنع بصدد بعث نفايات خطيرة في البحر منذ 67 سنة، مشيرا الى أن الساحل الجنوبي المقدّر مساحته ب 5600 ملوّث وأن رئيس الحكومة لم يكن في مستوى الوعود الي قدمها لولاية صفاقس والمتمثّلة في إغلاق المصنع نهائيا. وأفاد المتحدّث أن المجتمع المدني المدافع على البيئة في الشريط الساحلي الجنوبي التقى يوسف الشاهد مرتين في رئاسة الحكومة وأبدى لهم تفهمه لموقفهم ووعدهم بالتدخل العاجل لاغلاق المصنع لكنه لم يكن له الجرأة الكافية خوفا من اتحاد الشغل ولوبيات الفساد وفق تعبيره، معتبرا أن قرارات ووعود رئيس الحكومة تجاه صفاقس والتي لم تفعّل تندرج في اطار غدر مدينة صفاقس. وبيّن رئيس الجمعيّة أن الاحياء شعبية المحاذية لمصنع “سياب” عددها 82 وتحتوي سكانا عددهم يفوق سكان ولاية تطاوين ويعانون من التلوّث المنجر عن مصنع “سياب”، وأن المجتمع المدني قام بالعديد من التحركات الممكنة واعتصم لمدّة شهر أمام الولاية لكن المجتمع المدني في صفاقس مسالم ويتعامل بالطرق الحضارية لكن ذلك لم يقنع سلط الإشراف وبالتالي سيتم البحث عن اساليب اخرى وستكون موجعة. وللإشارة انطلق مصنع “سياب” في النشاط منذ سنة 1952 ويعد أول وحدة لتحويل الفسفاط في تونس من خلال إنتاج ثلاثي الفسفاط الرفيع المعد للتصدير، وينتج من هذه المادة 330 ألف طن سنويا ويشغل 450 عونا مباشرا وفق احصائيات الإدارة الجهوية للمجمع الكيميائي بصفاقس. وفي سنة 2008 اتخذ النظام السابق قرارا بغلق هذا المصنع، وتم الشروع في ذلك أواخر سنة 2010 من خلال الانطلاق في تسوية الوضعيات الاجتماعية للعمال والإطارات، ولكن التحول السياسي الذي شهدته البلاد حال دون تواصل هذا المسار.