أثار الاخفاق المتواصل الذي رافق كل الجلسات العامة والجلسات التوافقية في الاتفاق على 3 أعضاء لاستكمال انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية العديد من التساؤلات حول غايات هذا التعطيل ومن يقف وراءه، في حين تتبرأ كل كتلة برلمانية من الفشل في إرساء الاستحقاق الانتخابي وتعتبر كل منها أن ما يحصل خارج عن نطاقها ويندرج في إطار التجاذب الحزبي. وقد فشلت الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب يوم 6 مارس الجاري، للمرّة السادسة، في استكمال انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية بعد أن إجراء دورتين انتخابيتين، بلغ عدد الأصوات المصرح بها فيها 160 و 145 صوتا، ولم يتحصل فيها المرشحون الذين سبق التوافق حولهم على الأغلبية المطلوبة (145 صوتا)، بالرغم من أن كل الكتل سبق وأكدت قبولها بالقائمة التوافقية. وبذلك سيتم اللجوء من جديد إلى إعادة فتح باب الترشحات، الشيء الذي سينجر عنه أسابيع أخرى من التعطيل، وربما انقضاء المدة النيابية دون محكمة دستورية. وقد اعتبر العديد من الملاحظين للشأن السياسي أن خلفية تعطيل المحكمة الدستورية إلى ما بعد الانتخابات القادمة هو السعي إلى تغيير النظام السياسي قبل إرسائها، خاصّة وأن العديد من الأحزاب من بينها نداء تونس وكتلة مشروع تونس عبّرت عن عدم رضاها بالنظام شبه البرلماني الذي انتهجته تونس بعد الثورة. وكان النائب عن حزب نداء تونس أحمد السعيدي قال إن “النظام البرلماني في تونس لم ينجح”، وأن الأمور لم تجر كما يجب، منتقدا النسق البطيء في تمرير القوانين وتعطّل إرساء المؤسسات الدستورية. كما دعا النائب عن نداء تونس بشير بن عمر إلى ضرورة “تنقيح الدستور والتخلي عن النظام البرلماني”. ومن جانبه أكد الأمين العام لحزب حركة مشروع تونس محسن مرزوق ضرورة العمل على تغيير النظام السياسي في تونس من نظام برلماني إلى نظام رئاسي معدل، وتغيير نظام الاقتراع باعتبار أنه لم يفرز من يحكم بشكل واضح ومسؤول. ورجّح كثير من المحللين أنّ تعطيل تركيز المحكمة الدستورية كان متعمدا قبل أشهر من قبل كتلة نداء تونس وكتلة مشروع تونس نظرا لوجود مساع إلى أن لا يتم انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية بهدف تغيير النظام السياسي قبل إرساءها. كما أكد غازي الشواشي أمين عام التيار الديمقراطي في تصريح سابق لموقع “الشاهد” أن نداء تونس كان قد رشّح روضة الورسيغني وتم انتخابها سابقا أول عضوة للمحكمة الدستورية ثم طرحوا اسما جديدا ليكون ضمن أعضاء الهيئة، معتبرا أنه من غير المعقول أن تقوم كتلة تمثل أقلية بترشيح اسمين وأن ذلك يخل بالتوازنات. ومن جانبه قال رئيس كتلة حركة النهضة نور الدين البحيري: “نتألم لفشل الدورة الثالثة رغم التوافق بين الكتل على انتخاب 3 أسماء لكننا فوجئنا في اللحظات الأخيرة بتراجع كتلتين واعتراضهما على العياشي الهمامي وعبد اللطيف البوعزيزي”. وتعتبر المحكمة الدستورية من بين أهم الاستحقاقات الدستوريّة التي لم تنجز بعد على اعتبارها هيئة قضائية مستقلّة مخول لها مراقبة دستورية مشاريع القوانين المعروضة عليها من قبل رئيس الجمهورية التونسية أو رئيس الحكومة أو ثلاثين عضوا من أعضاء مجلس نواب الشعب ومشاريع القوانين الدستورية التي يعرضها عليها رئيس مجلس نواب الشعب والمعاهدات التي يعرضها عليها رئيس الجمهورية والقوانين التي تحيلها عليها المحاكم وكذلك النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب الذي يعرضه عليها رئيس المجلس.