لم تكد تمرّ ساعات على الحادثة الأليمة التي وقع ضحيتها 11 رضيعا بقسم الرضع بمستشفى الرابطة حتى نزلت بيانات الأحزاب تباعًا، واختلفت دعوات السياسيين وكيفيّة تناولهم للمسألة بين من دعا إلى فتح تحقيق جدّي وتحميل الأطراف المعنية مسؤولية ما حدث ومحاسبة الضّالعين في هذه المأساة ومن دعا إلى تنفيذ تحركات شعبية واسعة للمطالبة باستقالة الحكومة. ولا يستبعد مراقبون في هذا الصدد إمكانية التوظيف السياسية لهذا الملف، حيث دأب متصيّدو الفرص على استغلال القضايا الاجتماعية لتمرير أجندتهم السياسية، خاصة وأننا على مشارف أشهر من الانتخابات التشريعية والرئاسية. ودعا حزب التيار الشعبي، اليوم الأحد 10 مارس 2019، “القوى والمنظمات الوطنية إلى الدخول في تحرّكات شعبية وحملة تنديد واسعة لوضع حدّ لسياسات الحكومة التي تعمل جاهدة على تدمير القطاع العام والخدمات الأساسية تدميرا ممنهجا ولإيقاف حالة الانهيار العامة التي تضرب قطاع الصحة العمومية وغيره من المرافق كالتّعليم والنقل”. وبدوره طالب حزب حركة نداء تونس الحكومة ب”الاستقالة فورا على خلفية مقتل 11 رضيعا بقسم التوليد بمستشفى الرابطة”. وحمّل الحزب في بيان صادر عنه الحكومة مسؤولية تردّي الأوضاع على كافة المستويات، مُعربا عن “تخوّفه من مغبّة حصول المزيد من الكوارث نتيجة تفرّغ الحكومة لتأسيس حزب بدل خدمة المواطن”. في المقابل، اعتبر سياسيون أنّ ربط الحادثة بإستقالة الحكومة هو نوع من التهويل والاستغلال السياسي، قد يدخل البلاد في حالة من الفوضى قبل أشهر من الاستحقاق الوطني. وإعتبر القيادي في حزب النهضة رفيق عبد السلام في هذا السياق، أنّ المطالب الداعية إلى استقالة الحكومة عقب الحادثة هي مطالب لها غايات سياسية، وتدخل في إطار التجاذبات. وأضاف: “ماشين للانتخابات مافماش ضرورة لاستقالة الحكومة نصبرو شوية واللي راغب في تغيير الحكومة عندو فرصة عبر الصندوق يغير الحكومة باتجاه تشكيلة جديدة”. كما تحدث عبد السلام على هامش إشرافه على مؤتمر تجديد الهياكل بالمكتب المحلي لحركة النهضة في مساكن اليوم الأحد، عن وجود إخلالات وإهمال في حادثة وفاة 11 رضيعا في مستشفى الرابطة خلال يومي 7 و8 مارس، مشيرا إلى أنّ حركة النهضة دعت إلى تكوين لجنة مختصّة للتحقيق في الحادثة. ودعا مجلس نواب الشعب بالإشراف على التحقيق في الحادثة النواب حتى يطلع الرأي العام على ملابساتها وليتحمل كل طرف مسؤوليته. وكان مركز التوليد وطب الرضيع بمستشفى الرابطة بالعاصمة، شهد 11 حالة وفاة بين الأطفال المقيمين به خلال يومي الخميس 7 والجمعة 8 مارس الجاري وفق بلاغ صادر عن وزارة الصحة. واستقال وزير الصحة عبد الرؤوف الشريف عقب الحادثة، وكلّف رئيس الحكومة يوسف الشاهد، وزيرة الشباب والرياضة، بتسيير وزارة الصحة بالنيابة. وأكد الشاهد أن المحاسبة ستطال كل من ستثبت في حقه التحقيقات أي تقصير.