لا حديث هذه الأيام إلاّ على حادثة وفاة 15 طفلا في مستشفى الرابطة بتونس العاصمة في ظروف غامضة وهو ما فتح عديد التساؤلات حول الفساد في وزارة الصحّة وفي قطاع الأدوية وحول وزارة الصحّة في حدّ ذاتها والذي أعلن وزيرها الاستقالة “حادثة الرابطة”. وتعتبر وزارة الصحة أكثر الوزرات التي لم تعرف استقرارا على المستوى الإداري حيث مسك هذه الوزارة بعد الثورة 12 وزيرا في 8 سنوات أغلبهم لم يتجاوز السنة الواحدة فيما مكث عبد اللطيف المكّي وزير الصحّة في فترة الترويكا في الوزارة أكثر من سنتين. وزارة الصحّة عرفت منذ 12 وزيرا من مختلف المشارب يمثّلون 6 أحزاب وبينهم أربعة مستقلّون وهم مصطفى بن جعفر (عيّن ولم يباشر ثم رفض المنصب) وحبيبة الزاهي بن رمضان وصلاح الدين السلامي وعبد اللطيف المكّي ومحمد الصالح بن عمار وسعيد العايدي وسميرة مرعي وسليم شاكر ومحمد الطرابلسي (بالنيابة) وعماد الحمامي وعبد الرؤوف الشريف وسنية بالشيخ (بالنيابة). وعرفت تونس قبل الثورة تعيين وعلى طيلة 56 سنة 22 وزيرا أي بمعدّل يجاوز السنتين والنصف لكلّ وزير وهو رقم ليس بالكبير بينما يعتبر المعدّل بعد الثورة ضعيف جدا حيث مكث كل وزير بمعدّل 8 أشهر وهو ربّما ما يترجم التخبّط التي عاشت فيه الوزارة وحكم الاخطاء التي حدثت في السنوات الأخيرة. وعرفت الوزارة كثيرا من الملفات التي كانت محلّ جدل واسع مرتبطة أساسا بالفساد على غرار “البنج الفاسد” واللوالب القلبية منتهية الصلوحية واحتكار الدواء وغيابه من الصيدليات والعجز المالي لوزارة الصحّة ورفض الأطباء مباشرة أعمالهم في الجهات الداخلية. وفي هذا الشأن، كانت دائرة المحاسبات قد أصدرت تقريرا في موفّى ديسمبر 2018 تحدثت فيه على الفساد في القطاع الصحي ، مركزا على ملف سرقة الأدوية في المؤسسات العمومية حيث أعلنت دائرة المحاسبات وجود إخلالات في التصرف في الأدوية والمستلزمات الطبية والفحوصات التكميلية ، فضلا عمّا يحدث من إخلالات كبيرة بالصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية، على غرار الانتدابات بدون مناظرة.