انتقد سياسيون بينهم وزراء في الدولة وشخصيات سياسية القرار القضائي بمنع بث جزء ّمن برنامج الحقائق الأربعة والمتعلق بوفاة الرضّع، لكونه قيد التّحقيق ولا يمكن الخوض في تفاصيله قبل أن يُدلي القضاء بكلمته. وفي إطار تعليقه على القرار القضائي، أكد محمد الفاضل محفوظ الوزير لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان، رفضه لأي شكل من أشكال الرقابة المسبقة على حرية التعبير. ودعا محفوظ، بحسب بلاغ نشرته الوزارة، الهياكل الممثلة للقطاع الإعلامي إلى اجتماع تنسيقيّ عاجل لاستكمال المشاورات وإقرار التمشّي الوفاقي الأمثل. وعبّر الوزير لدى اتصاله برئيس النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين ناجي البغوري عن تفاجئه بهذا القرار، مؤكدا انحيازه التام لاستقلاليّة قطاع الإعلام ودفاعه عن مناعة مؤسساته والعاملين فيه من كلّ قيد على حريّة التعبير. وبدا الحديث العمومي في القضاء وسلوك القضاة وقراراته شيئا جديدا ارتبط بالحريات الوافدة عبر الثورة، لكن ذلك لا ينفي انخراط سياسيين ومحامين في انتقاد قرارات قضائية أمام العموم لتتحول المنابر الإعلامية بفعل ذلك إلى محاكم موازية لا تعترف بسلطة القضاء وأحكامه، والغريب أن انتقاد الأحكام القضائية صدر هذه المرة عن وزير في الحكومة كان من المفترض أن يتحلى بالحدّ الأدنى من الموضوعية في التعاطي مع قرارات قضائية ولا ينجرف وراء الحماس الإعلامي، فيما يرى آخرون أن هذا الانجراف والتعاطف مع برنامج البلومي لا يغدو سوى استجداء لتعاطف الإعلاميين قبل الانتخابات. وشهدت تونس تصرفا مماثلا في حكومة الترويكا التي ضمت كلاّ من حركة النهضة و المؤتمر من أجل الجمهورية والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، حيث اعرب القيادي السابق والمتحدث باسم التكتل الديمقراطي محمد بنّور عن مساندته للصحفيين ضد حركة ضد النهضة، حيث ساند بنّور آنذاك اعتصام دار الصباح ضد تعيين مدير عام عليها من قبل الحكومة. ويأمل بعض السياسيين في كسب تعاطف القطاع الإعلامي لما له من دور في تلميع سياسيين وتقزيم آخرين، حيث يتحول بعض الإعلاميين في الفترة التي تسبق الانتخابات إلى جسر متين يربط السياسي بصندوق الاقتراع، ولا ننسى دور كثير من الوجوه الإعلامية، ومنها حمزة البلومي على وجه الخصوص، في الفترة التي سبقت انتخابات 2014 في توجيه الرأي العام، ما يجعله حاليا الإعلامي المفضل لدى رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي الذي استقبله مؤخرا في قصر قرطاج وقام بتكريمه. وشدّد محمد الفاضل محفوظ، المنتمي إلى حزب مشروع تونس، لدى اتصاله بمقدم البرنامج حمزة البلومى، على أن احترام استقلالية السلطة القضائيّة لا يتعارض مع الالتزام بالذود عن المكاسب الدستوريّة في مجال الحقوق والحريّات والحرص على حمايتها وتطويرها في إطار استكمال أسس المسار الديمقراطي بالبلاد، وفق نص البلاغ. من جانبها، استغربت حركة تحيا تونس، قرار إيقاف بثّ برامج إعلامية تتعلق بقضية وفاة الرّضع، في إشارة إلى تحقيق برنامج "الحقائق الأربع"، معتبرة أنه من حق التونسيين النفاذ إلى المعلومة والاطلاع على المستجدّات في قضية رأي عام، مثل هذه الفاجعة، هو من أبرز مكاسب تونس بعد 2011. وكان قاضي التحقيق بالمكتب العاشر بالمحكمة الابتدائية بتونس قد أصدر، الخميس الماضي، قرارين، الأول يقضي بمنع البرنامج التلفزي “الحقائق الأربعة” على القناة الخاصة الحوار التونسي في فقرته المتعلّقة بوقائع قضية وفاة مجموعة من الأطفال الرضع بمركز التوليد وطب الرضيع بتونس والقرار القضائي الثاني يقضي بمنع إعادة بث الفقرة المتعلقة بهذه القضيّة من برنامج 50/50 الذي يبث على القناة الخاصة قرطاج+.