تستعدّ تونس لتنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية نهاية العام الجارية، وهي الثانية منذ إصدار دستور 2014 والثالثة منذ ثورة 14جانفي 2011، ويشدّد مراقبون على أنه لا يمكنُ لتونس الذهاب إلى هذه الاستحقاقات في ظل هذا المناخ الشديد التوتر، بل يجب معاضدة جهود كافة القوى السياسية وإجراء حوار يشمل جميع الأطراف السياسية والاجتماعية والمدنية الفاعلة، وهو ما دعا له رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي في آخر خطاب له. دعوةٌ تلقفتها حركة النهضة بترحيب وتثمين كبيرين، مشدّدة خلال اجتماعٍ عقده مجلس شورى حركة النهضة يوم امس السبت على أهمية الحوار الوطني في إنجاح الانتقال الديمقراطي ودعم خيار التوافق الوطني الذي صنع الاستثناء التونسي ومؤكدة أيضًا على استعداد الحركة لدعم مساعيه في هذا الاتجاه. ويأتي ذلك بعد تصريح لرئيس حركة النهضة راشد الغنوشي ثمّن فيه أهمية السياسية التشاركية والتوافقات والمصالح المشتركة ودورها في الوصول بالبلاد إلى برّ الأمان، وقال راشد الغنوشي في هذا السياق “نحن حرصنا باستمرار على الا يُقطع حبل الود مع رئيس الدولة ومع نداء تونس “مضيفا “هناك خيط تواصل وحرصنا على ذلك ونحرص على تمتينه ..لسنا من وضع حدا لسياسية التوافق ، النداء هو من توقف عن هذه السياسة ..بالنسبة لنا التوافق استراتيجية مازلت البلاد تحتاجها الى اليوم” مذكرا بالمسارات الاخرى التي عرفتها ما يعرف “بثورات الربيع العربي” التي قال انها تعيش ” أتونا من فتن والتجاذبات”. وشدّد رئيس النهضة في حوار مع اذاعة تطاوين أجراه 16 مارس الماضي على أن تونس “نجت بفضل الله وبفضل سياسة التوافق” معتبرا ان البلاد لا تزال في حاجة الى توافق ” بين النهضة والنداء وبين النهضة وكل الاحزاب والى توافق بين رئيس الدولة ورئيس الحكومة”. ولم تكن حركة النهضة الطرف الوحيد، الذي تلقى مبادرة رئيس الجمهورية بترحيب، حيث أكد الاتحاد العام التونسي للشغل أهمية هذه المبادرة في تكريس المبادئ التي قامت عليها الثورة، وفي هذا السياق قال الامين العام للمنظمة الشغيلة نور الدين الطبوبي “إذا طرح التفكير اليوم في وحدة وطنية على أساس قناعات وثوابت هدفها الرئيسي انقاذ الاقتصاد الوطني، فإن اتحاد الشغل سيكون قوة خير ودعم للتقدم بالبلاد وتحسين حياة المواطن وتكريس المبادئ التي قامت من أجلها الثورة وضحى من أجلها الشباب”. وسارع حزب نداء تونس من جانبه إلى إعلان دعمه لمبادرة الوحدة الوطنية، مشدّدا على تمسّك الحزب بالتوافق والوحدة الوطنية خاصة في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها البلاد. يشار إلى أن رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي كان دعا الطبقة السياسية، في خطابه بمناسبة ذكرى الاستقلال، إلى تجاوز خلافاتها وخلفياتها الفكرية والإيديولوجية وإيجاد أرضية توافقية للحسم في القضايا المصيرية التى تعيش على وقعها البلاد اليوم، مشددا على أن تونس لا يمكن أن تواصل مسيرتها إلا بالوحدة الوطنية بين جميع مكوناتها.