استحسن الأولياء قرار تجريم الدروس الخصوصية خاصّة بعد أن أصبحت شبه إجبارية من قبل بعض الأساتذة، وبعد أن أصبحت في بعض الأحيان تكملة للدروس في المدرسة أو طريقة للحصول على أعداد متميّزة. وعوض أن تكون دروس التدارك حلا لمساعدة العائلة على تعليم أبنائها وتحسين مستواهم الدراسي، فإنها أصبحت عبئا ماليا على الأولياء وضغطا على التلميذ الذي أصبح شبه مجبور على التدارك في جميع المواد، كما أنها تتعارض مع مبدأ تكافؤ الفرص بين كل التلاميذ. وقد أعلن وزير التربية حاتم بن سالم أن وزارته قرّرت إيقاف 3 أساتذة عن العمل، بسبب تقديمهم لدروس خصوصية لتلاميذ بمنازلهم، كما أكّد أن الوزارة مستمرة في محاربة تدريس التلاميذ خارج المؤسسات التربوية مشيرا إلى أنه سيتم الإعلان عن رقم أخضر للتبليغ عن الأساتذة المتجاوزين للقانون. ومن جانبه اعتبر الكاتب العام المساعد لجامعة التعليم الثانوي مرشد ادريس أن قرار وزير التربية نوع من أنواع التشهير وأن الاهتمام الاعلامي الكبير وتصريحه أثناء تدشين حافلة تعتبر مكتبة عمومية متنقلة مرفوض رفضا قطعيا. وأضاف ادريس في تصريح لموقع “الشاهد” أن تفشي الدروس الخصوصية هو نتيجة لتدهور المنظومة التربوية وأنه قبل البحث عن إجراءات ردعية ضد كل من يقدّم دروس خصوصية خارج الأطر القانونية، لا بدّ من البحث عن حلول جدية للتصدي لهذه الظاهرة من خلال القيام بإصلاح جذري وحقيقي وتشاركي للمنظومة التربوي من حيث البرامج والمناهج ومن حيث الفضاء المدرسي والحياة المدرسية والجو التربوي العام داخل المؤسسات التربوية. كما بيّن أن نقابة التعليم الثانوي تؤمن بضرورة الحد من ظاهرة الدروس الخصوصيّة وكانت ضمن لجنة مشتركة مع وزارة التربية وتم الاتفاق خلالها على تقنين الدروس الخصوصية على أن تكون داخل المؤسسات التربوية إلى جانب اتخاذ إجراءات إصلاحية للنظومة التربوية، واعتبر المتحدث أنه لا نية حقيقية للوزارة للتصدي للظاهرة وأنها بصدد البحث عن إجراءات ردعية بعيدة كل البعد عن كل ما هو تربوي، مشيرا إلى ضوروة البحث عن حلول قبل اتخاذ اجراءات عقابية ضد المدرسين. وكانت المنظمة التونسية لإرشاد المستهلكقد أعلنت سابقا بأن رقم معاملات الدروس الخصوصية في تونس يصل إلى مليار في السنة، مستندة في ذلك إلى دراسة ميدانية أنجزتها أكاديمية حقوق المستهلك التابعة لها حول ظاهرة الدروس الخصوصية. ويذكر أن الدراسة شملت عينة من 2907 من أولياء التلاميذ، وكشفت أن كلفة الدروس الخصوصية لمختلف مراحل الدراسة تتراوح بين 30 و60 دينارا شهريا لتلاميذ المرحلة الابتدائية وبين 40 و80 دينار شهريا خلال المرحلة الإعدادية وبين 80 و150 دينارا شهريا بالنسبة لتلاميذ المرحلة الثانوية. وهو ما يبين أن متوسط كلفة التلميذ الواحد لمختلف مراحل التعليم دون احتساب المرحلة الجامعية يعادل 50 دينارا في الشهر علي فترة 10 أشهر وهو ما يجعل رقم معاملات الدروس الخصوصية يرتفع إلي قرابة الف مليون دينار سنويا، وأشارت المنظمة إلى وجود خسارة سنوية لميزانية الدولة بما لا يقل عن 300 مليون دينار سنويا كأداء علي الأرباح في حال إخضاع هذا النشاط للنظام الجبائي. ويمكن من خلال النتائج الأولية لهذه الدراسة استنتاج أن كلفة الدروس الخصوصية تشهد تطورا سريعا يجعلها تتموقع بعد مجموعة التغذية وقبل كل من مجموعات الصحة والطاقة والنظافة والترفيه ضمن مكونات سلة الاستهلاك العائلي علما وأن مؤشر الأسعار لا يتضمن في تشكيلته الحالية كلفة هذه الدروس. وجدير بالذكر أنّه صدر أمر حكومي جديد منظم للدروس الخصوصية يتعلق بضبط شروط تنظيم دروس الدعم والدروس الخصوصية داخل فضاء المؤسسات التربوية العمومية وأهم ما جاء فيه أن عقوبة الدروس الخصوصية تكون بالنقلة من مقر العمل إلى آخر وفي حال العود تصل العقوبة إلى العزل. كما جاء في الأمر أن دروس الدعم يتم تخصيصها مجانا للتلاميذ الذين هم في حاجة إليها وذلك داخل المؤسسات التربوية. وبالنسبة إلى الدروس الخصوصية فإنه: – يمنع منعا باتا على المدرسين العاملين بمختلف المؤسسات التربوية العمومية التابعة لوزارة التربية تعاطي نشاط القيام بدروس خصوصية. خارج فضاء المؤسسات التربوية العمومية -كما تنظم بالتنسيق بين مدير المؤسسة التربوية المعنية والمدرسين الراغبين في ذلك بعد موافقة المندوبية الجهوية للتربية مرجع النظر. يتعين على كل مدرس راغب في القيام بدروس خصوصية توجيه مطلب في الغرض إلى المندوب الجهوي للتربية عن طريق مدير المؤسسة التربوية التي ينتمي إليها مقابل وصل يتسلمه في ذلك.