مثّلت مشاركة رئيس الجمهورية المصرية عبد الفتاح السيسي في قمة تونس مفاجأة للمراقبين، خاصة بعد أن اكدت مؤسسة رئاسة الجمهورية أن الرئيس المصري لن يكون حاضرا في القمة لظروف خاصة. واختلفت الروايات بشأن خلفيات تعديل الرئيس المصري لقراره في اللحظات الأخيرة بعد ان ترددت أنباء من بعض الأوساط المصرية تؤكد أن الرئيس المصري لن يحضر لأسباب تعلق بخلافات مع دولة عربية حول قضية الصراع العربي الإسرائيلي وبين من يؤكد أن الدوائر الامنية المصرية المعنية بتأمين السيسي اشترطت منع اي تظاهرات ضد الرئيس المصري بسبب اوضاع الحريات والانتهاكات الأخيرة في بلده، خاصة وان منظمات المجتمع المدني في تونس نظمت قمّة موازية لبحث واقع حقوق الإنسان في مصر، ما جعل مراقبين يربطون بين القمة الموازية واعتذار الرئيس المصري. وكشف تقرير لموقع “العربي الجديد” نقلا عما اسماه مصادر دبلوماسية مصرية أن الأسباب وراء تراجع السيسي عن قراره وحضوره للقمة، أن الدوائر الأمنية المصرية المعنية بتأمين الرئيس، كانت قد حددت مجموعة من المطالب، بعد تقارير رفعتها السفارة المصرية في تونس إلى الخارجية تفيد باستعداد مجموعات من النشطاء، ومنظمات حقوق الإنسان التونسية، لتنظيم تظاهرات كبيرة ضد السيسي بسبب أوضاع الحريات. وبحسب المصادر، فإن الجانب التونسي أعلن صعوبة منع أو قمع أي تظاهرات، مؤكدا في الوقت ذاته أنه بإمكان الأمن التونسي فقط إبعاد تلك التظاهرات أكبر مسافة ممكنة عن أماكن سير موكب الرئيس المصري، وكذلك إبعادها عن مقر إقامته. ولفتت المصادر إلى أن “ما أبلغه الجانب التونسي لم يكن ليرقى لقناعات الدوائر المصرية، فتقرر عدم مشاركة الرئيس المصري في القمة، كنوع من الاحتجاج، وذلك قبل أن تتم دعوة السيسي لاجتماع من جانب الإمارات والسعودية لحضور اجتماع بشأن ليبيا، على هامش القمة العربية في تونس”. وتنتقد منظمات مدنية وحقوقية دولية وضع حقوق الانسان والحريات في مصر الذي تدهور منذ انقلاب 2013 وعزل الرئيس الشرعي للجمهورية المصرية محمد مرسي، ووصل مستوى قمع حرية التعبير منذ ذلك الوقت إلى مستويات مروعة، لم يشهد لها مثيل في تاريخ مصر الحديث وتلاحق الأجهزة الأمنية اليوم صحافيين وناشطين ومعارضين حكم عليهم بالإعدام. وقبل انعقاد القمّة بيومين عبّر النائب عماد الدايمي عن استنكاره لاستضافة الرئيس المصري عبد الفتاح السياسي قائلاً: “نرحب بكل الأشقاء العرب، ولكن لا نرحب بالقتلة، ولا نرحب بالمنقلبين على إرادة شعوبهم، وعلى رأسهم الجنرال السيسي الذي قتل شعبه، وتُعاني فئات واسعة من الشعب المصري من القمع الذي يسلطه عليهم”. يذكر أن المستشار السياسي للرئيس الجمهورية نور الدين بن تيشة، اعلن قبل انطلاق فعاليات القمة العربية أن “السيسي اعتذر عن الحضور لمسائل تخصه وتخص الأشقاء في مصر وبعيدة كل البعد عن مسؤوليتنا”، مشيرا إلى أن تونس وفرت كل الظروف لاستقبال الزعماء العرب