قبل سنة من الآن، احتشد الكثيرون في بيت عمر العبيدي مشجع النادي الإفريقي والذي لقي حتفه إثر مطاردة أعوان الامن له. وقبل سنة من الآن وفي جنازة مهيبة له، قُطع وعدٌ لعائلة الشاب المتوفى بأن حق عمر لن يُطمر وبأن صاحب الفعلة سيحاسب حتى لو كان رجل شرطة. قطعت وعُودٌ كثيرة واجتمع الكثير من السياسيين حول العائلة الملتاعة على فقيدها ووعودها بأن الحق سيعود لأهله وأن القضاء سيقول كلمته في أيام، مرت أيام وأسابيع وسنة على الحادثة ولم يقل القضاء كلمته بل تفرّق الجميع وكأن شيئا لم يحدث. “سنة مرت، 365 يوما، جلسات مكافحة بين الشهود والمتهمين، 12 شهرا من الأبحاث، عشرات الوقفات الاحتجاجية، عشرات الحصص الإعلامية، صفر إيقافات، مقابل سبعة عشر متهما، كلها منذ وفاة واستشهاد ابني عمر العبيدي”، هذا جزءٌ من رسالة لوالدة عمر العبيدي وجهتها لرئيس الحكومة يوسف الشاهد الشهر الماضي، وذكرته فيها بعدم تقدم الأبحاث وببقاء المتهمين بحالة سراح وبضياع حق ابنها رغم مرور سنة كاملة من التحقيقات والبحوث. واضافت الام في ذات الرسالة: “كوالدة شهيد، استشهدت على أيديك وعلى عتبات مكاتبك ووعودك المتكررة بالبحوث الإدارية، وحتى المجريات القانونية لا يزال صمتكم عذابا وبرودكم تكتما ولامبالاتكم سيفا موجها لي كان بالأحرى أن يوجه لقاتلي وقاتل ابني. سيدي، إن دماء عمر لا تزال تلطخ كل أرجاء مكتبكم ومكاتب المحيطين بكم من إداريين ،مشرعين ،سياسيين وأدوات تنفيذ.” وتابعت “قد تتساءلون كيف لكنكم ستدركون ذلك لو تتخيلون لوهلة عكس الأدوار في ما بيننا، تخيلوا أن تصبح أعيادكم أحزانا وتجمعاتكم مواكب دفن وعزاء، ستغادر كل مفردات الحياة السعيدة لتحل مكانها مفردات الفراق، اليأس، الموت…ها أنا اليوم لا أراسل خططكم ولا مناصبكم بل أخاطب وعودكم لعلها حاكت ضمائركم عندما أطلقتموها ليست بالتحقيقات فقط بل بكشف الحقيقة ومعاقبة القاتلين.” وختمت الأمّ رسالتها بالقول” لا لطمس الحقيقة، لا للإفلات من العقاب، لا لاغتيال عمر من جديد من خلال المماطلة واللامبالاة بما يمكن أن يترتب عن هذا التراخي من شعور بالظلم والقهر.” وتعود أطوار الحادثة الشهيرة إلى 31 مارس 2018، أين لقي الشاب عمر العبيدي (19 سنة) مصرعه غرقًا بعد أن طارده أعوان الأمن من ملعب لكرة القدم، ووفقا لإحدى الروايات دفع عمر إلى الوادي ولم يكن يستطيع السباحة فلم ينج من الغرق، وبعد مرور عام، لم يُحاسب أي شخص، في حين تشير منظمة العفو الدولية إلى تعمد السلطات القضائية تعطل التحقيق في قضية وفاته بضغط من وزارة الداخلية. ورفع محبّو النادي والمجموعات الرياضية شعارا حملته قمصان لاعبي الإفريقي وكتب على الجدران وعلى لافتات التشجيع مفاده “تعلّم عوم”، للنجاة من الموت هربا من قبضة الأمن. وقالت منظمة العفو الدولية، في بيان نشرته اليوم الخميس 4 أفريل 2019 تحت عنوان “تونس-عندما يكون الفرار من أعوان الامن قاتلاً” إن على السلطات التونسية القيام بإصلاحات جذرية لقوات الأمن في البلاد لوضع حد للإفلات من العقاب بالنسبة لأفراد أعوان الأمن المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة، بما في ذلك أعمال القتل غير المشروع والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة. وقالت نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا ماجدالينا مغربي: “لقد ظل العنف والانتهاكات التي ارتكبها أعوان الأمن في تونس لفترة طويلة دون عقاب.. حان الوقت لكي تدرك الحكومة التونسية أن حماية أفراد أعوان الأمن الذين اقترفوا أعمال العنف من العدالة، والمماطلة في التحقيقات، سيؤدي فقط إلى استمرار دائرة الانتهاكات”. يشار إلى أن جماهير النادي الافريقي قامت هذا الاسبوع في عدة ولايات من الجمهورية التونسية بإحياء ذكرى وفاة محب الفريق عمر العبيدي، ورفع أحباء فريق باب الجديد شعارات تطالب بالكشف عن الحقيقة كاملة حول الأسباب الحقيقة لوفاته.