بإعلانه عدم رغبته في الترشح للانتخابات الرئاسية وبطلبه رفع التجميد عن يوسف الشاهد، فاجأ رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي حوالي 10 آلاف من أنصار حزبه، الذين اجتمعوا أمس السبت بمناسبة افتتاح أشغال مؤتمر حركة نداء تونس. ودعا الباجي قايد السبسي، في مؤتمر نداء تونس بالمنستير، قواعد وهياكل الحزب إلى رفع التجميد عن رئيس الحكومة يوسف الشاهد وإرجاعه للحزب. وأضاف السبسي “هو حر في اختياراته وفي الحزب الذي يختار الانتماء إليه.. ولكن لا بد من رفع هذا التجميد وهو مطلبي الوحيد، مضيفا: “لأن في ذلك خير لتونس والنداء”. وليست هذه المرة الأولى التي يُبدي فيها رئيس الجمهورية رغبة في المصالحة مع رئيس الحكومة يوسف الشاهد، إذ لمّح لذات الأمر شهر مارس الفارط في كلمة ألقاها بمناسبة إحياء الذّكرى 63 للاستقلال، حيث التفت آنذاك ليوسف الشاهد ممازحًا “لو كان ترجعلنا نمشيو اليد في اليد”. ويتحدّثُ مُراقبون عن تغيرات كثيرة قد تعتري المشهد السياسي في البلاد، مع سعي جل الأحزاب لإعادة هيكلة نفسها والبحث عن توليفة تنظيمية جديدة تُجنبها الخسارة التي مُنيت بها في الانتخابات البلدية الأخيرة، يأتي ذلك في ظلّ الانهيار الذي عرفه حزب نداء تونس مؤخّرا والذي قد يؤثر في حظوظه في المستقبل. وتأتي دعوة رئيس الجمهورية حسب المراقبين في إطار محاولة لرأب الصدع والتخفيف من حدة الانقسامات والتجاذبات التي عرفها نداء تونس منذ اكثر من 5سنوات. ورغم ذلك، يُبدي الموالون للشاهد والمقربون منه خشيةً من التقرب من نداء تونس معتبرين أن دعوة الرئيس جاءت متأخرة، كما أن عودة يوسف الشاهد لنداء تونس قد تضعف مشروع حزب “تحيا تونس” والذي سطع نجمه في الفترة الأخيرة مستفيدا من الانقسامات والاستقالات التي شهدها النداء. ويقول القيادي بحركة تحيا تونس، مهدي بن غربية في هذا السياق “إنّ دعوة رئيس الجمهورية جاءت بعد أكثر من سنة من التهجّم اللامحدود على يوسف الشاهد.”، وتابع قائلا: ” اليوم نتأكد على الأقل أن كل ما قاله جميعهم منذ أكثر من سنة هراء، وأن خيارنا منذ البداية والطريق الذي نشقه، عين الصواب”. من جانبه، اكد النائب عن كتلة الائتلاف الوطني الموالية للحكومة “إنّ مبادرة السبسي تجاه الشاهد، جاءت متأخرة جداً، وكان يمكن أن تؤثر فعلاً في المشهد السياسي، ولمّ شمل رفاق الأمس، لو صدرت قبل عام أو عامين على الأقل.” وتوقع بن فرج أن يتغير المشهد الحزبي والسياسي والانتخابي في الاتجاه المعاكس، عبر انضمام غالبية من تبقى في حزب النداء إلى حزب تحيا تونس، الذي تأسس شهر جانفي الماضي. وأشار رئيس الجمهورية في كلمة ألقاها في افتتاح المؤتمر الانتخابي الأول لحزب نداء تونس بالمنستير، وبثتها صفحة رئاسة الجمهورية التونسية مباشرة، إلى أنه لا يرغب في الترشّح للانتخابات القادمة، رغم أنّ الدستور يمكّنه من عهدة انتخابية أخرى. وشدد السبسي على أنّ تونس في حاجة إلى التغيير وهي تزخر بالرجال الأكفاء رغم أنهم ليسوا في مواقع القيادة حاليا، كما أنه لا بد من إفساح المجال للشباب. ويشار إلى أنّ الباجي قائد السبسي قد تجنّب في كثير من المناسبات التصعيد مع رئيس الحكومة يوسف الشاهد المتمرد على نداء تونس، وكانت واقعة عدم استشارة رئيس الجمهورية في التغيير الحكومي الجزئي تنذر بتصادم السلطتين، لكنّ الباجي آثر تسجيل موقف مستنكر لسلوك يوسف الشاهد، دون أن يمرّ إلى نزاع دستوري، كانت عديد الأطراف تحرض عليه في تصريحاتها وتحليلاتها. وتعد دعوة الباجي إلى استعادة يوسف الشاهد، الذي لم يعلن رسميا انتماءه لحزب تحيا تونس وعن نواياه الانتخابية، تعبيرا من الرئيس الشرفي لنداء تونس عن أمله في إنهاء الصراعات الشخصية التي كانت سببا في تجميد عضوية يوسف الشاهد، واعترافا جزئيا بما قد يكون ارتكب من أخطاء من عدة أطراف دفعت إلى ذلك القرار. وربّما يكون تصريح المدير التنفيذي حافظ قائد السبسي أسبوعا قبل المؤتمر، أنّه لا طموح انتخابيا له، وأنّ وجوده في نداء تونس هو اعتراف بالجميل ووفاء للمؤسس الباجي قائد السبسي، قد ورد في سياق التمهيد لموقف والده أمس في افتتاح المؤتمر، الذي تزامن مع ذكرى وفاة الحبيب بورقيبة وحضور يوسف الشاهد إلى جانب الباجي لموكب الذكرى. وستكون مبادرة الباجي، وفق حساب الزمن الانتخابي، هي الفرصة الأخيرة لاستعادة يوسف الشاهد وإنهاء الخلافات الشخصية، قبل أن يحزم الباجي قائد السبسي أمره نحو مبادرة جديدة تمثل انطلاقة جديدة للحزب لاستعادة وزنه وموقعه.