فشل مجلس نواب الشعب في تنصيب المحكمة الدستورية التي نص الدستور التونسي لسنة 2014 على ضرورة إرسائها في أجل سنة من إقراره، وقد ساهمت الحسابات السياسية الضيقة والانقلاب على التوافقات التي تسبق كل جلسة عامّة مخصّصة لانتخاب أعضاء الهيئة المذكورة في تعطيل ارساء الاستحقاق الدستوري. وقد عبّرت 12 نقابة ومنظمة حقوقية من تونس وخارجها عن عميق انشغالها إزاء استمرار مجلس نواب الشعب في عرقلة تأسيس المحكمة الدستورية، كما دعت هذه المنظمات في بيان مشترك اصدرته اليوم السبت مختلف مكونات المجتمع المدني على التحرك من أجل مطالبة الكتل البرلمانية بتحمل مسؤولياتها وتجاوز خلافاتها وحساباتها الحزبية وانتخاب الأعضاء الثلاثة المتبقين،على أساس الكفاءة والنزاهة والاستقلالية وليس على أساس المحسوبية والولاء السياسي وذلك نظرا لحاجة الديمقراطية التونسية الناشئة لهذا الهيكل الدستوري المستقل. ولاحظت المنظمات والنقابات في بيانها أن بعض الكتل البرلمانية المؤثرة “أدمنت” المماطلة والتسويف والحسابات الحزبية الضيقة ما يثبت بما لا يدع مجالا للشك أن تركيز هذا الهيكل الحيوي لترسيخ الديمقراطية في تونس “هو من آخر اهتمامات هذه الكتل”. وعبّرت هذه الجمعيات والمنظمات عن العزم على البقاء حذرين إزاء كل تلاعب بمسار إرساء المحكمة الدستورية لما تمثله من ضمانة أساسية لدولة الحق والقانون. وتعتبر المحكمة الدستورية من بين أهم الاستحقاقات الدستوريّة التي لم تنجز بعد على اعتبارها هيئة قضائية مستقلّة مخول لها مراقبة دستورية مشاريع القوانين المعروضة عليها من قبل رئيس الجمهورية التونسية أو رئيس الحكومة أو ثلاثين عضوا من أعضاء مجلس نواب الشعب ومشاريع القوانين الدستورية التي يعرضها عليها رئيس مجلس نواب الشعب والمعاهدات التي يعرضها عليها رئيس الجمهورية والقوانين التي تحيلها عليها المحاكم وكذلك النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب الذي يعرضه عليها رئيس المجلس. وتعود أطوار تعطّل إرساء المحكمة الدستوريّة إلى شهر مارس 2018 حيث تم يوم 14 من نفس الشهر انتخاب روضة الورسيغني ب 150 صوتا لتكون بذلك العضوة الوحيدة المنتخبة من قبل نوّاب الشعب بعد أن تم الالتفاف على التوافق الممضى بين رؤساء الكتل حول انتخاب 4 أعضاء، الأمر الذي حتّم إعادة فتح باب الترشحات من جديد بعد إجراء ثلاث دورات متتالية تزامنا مع ارجاء لجنة التشريع العام النظر في مقترح تشريعي لتنقيح القانون الأساسي عدد 50 المتعلق بالمحكمة الدستورية