شهدت الساحة السياسية والحزبية التونسيّة في الأسابيع الأخيرة ميلاد أحزاب وتحالفات جديدة في إطار ديناميكيّة إعادة التشكل استعدادا للاستحقاقات المقبلة والتي لا يفصلنا عنها سوى بضعة أشهر، وعرفت الخارطة السياسية في البلاد في الفترة الأخيرة العديد من المتغيرات من بينها صعود التحالفات السياسية على السطح. ولكن يبقى صعود هذه الائتلافات رهينا بالبرامج السياسية التي ستقدمها وكيفية تموقعها في المشهد الحالي أو المستقبلي أي الانتخابات القادمة، لاسيما وأن عددا من مكونات هذه الائتلافات غير متجانسة، وعادة ما تتحالف بشكل مؤقت لأغراض ظرفية يرتبط أغلبها باستقطاب أكثر عدد من الأصوات والصمود أمام الأحزاب الكبرى. ولكن ما مدى تماسك هذه الائتلافات الذي عادة ما ينفرط عقدها بعد انتهاء مصالحها وأهدافها الوقتية؟ تحالف تحيا تونس مع المشروع والمبادرة يقود حزب “تحيا تونس” الموالي لرئيس الحكومة يوسف الشاهد، مشاورات ولقاءات لمّ شمل ما يوصف بالعائلة الوسطية من أجل حصد أكبر قدر من المقاعد بالانتخابات البرلمانية التي ستجرى في السادس من أكتوبر المقبل. وأكد المنسق العام لحركة تحيا تونس سليم العزابي، أن “مشاورات تقدمت بأشواط مهمة بين حزبه وأحزاب مشروع تونس والمبادرة والبديل التونسي من أجل إيجاد الأرضية السياسية والتمشي التوحيدي فيما بينها”، حسب تعبيره. وقال في تصريحات إعلامية إن “حزبه الجديد يعمل على مسار تأسيسي ومسار آخر توحيدي يشمل هذه الأحزاب الثلاثة”. وكانت مشاورات متقدمة بين تحيا تونس وحزب البديل قد انتهت بإعلان المهدي جمعة الأحد الماضي، طي صفحة هذا المشروع. ائتلاف قادرون أعلنت مجموعة قيادات حزبية وشخصيات وطنية شهر مارس الماضي، عن إطلاق مبادرة سياسية، هي “ائتلاف قادرون”، لتجميع ورصّ صفوف التيارات والشخصيات التقدمية والديمقراطية في البلاد. وتضم المبادرة 200 شخصية مؤسسة، منها كوادر حزبية وشخصيات وطنية ونواب ووزراء سابقون، كما تجمع حزب “المستقبل” برئاسة الطاهر بن حسين والحركة الديمقراطية التي يترأسها أحمد نجيب الشابي وحزب المسار الديمقراطي التقدمي الذي لا يزال يدرس قرار الانضمام. تحالف المستقلّين يستعدّ المستقلون الذين صعد نجمهم في الانتخابات البلدية الأخيرة للمنافسة على الانتخابات التشريعية والرئاسية المرتقبة أواخر السنة الحالية، عبر عقد تحالف انتخابي مستقل يحمل اسم “مستقلون”. ويشمل التحالف مبادرة “فكرة”، و”قادرون”، و”نجمة تونس”، و”يحيا الشعب”، و”تونس العزيزة”، ويشير القائمون على هذا المشروع على ان الهدف الأساسي من هذا التحالف، دعم موقع القوائم الانتخابية المستقلة والمعارضة و تجميع القوى السياسية المستقلة، والجمعيات والمبادرات والشخصيات الوطنية، التي تتقاسم نفس الأهداف والمبادئ، علاوة على حث التونسيين على التسجيل في القوائم الانتخابية، وإحداث تغيير في المشهد السياسي. تحالفات أخرى من جهة ثانية، علم موقع “الشاهد” بوجود مشاورات قائمة بين كل من حزب المؤتمر وحركة وفاء وبعض الشخصيات الوطنية المستقلّة لتكوين جبهة انتخابية في اطار الاعداد للاستحقاق الانتخابي المقبل. وحول هذا الموضوع، أكد سمير بن عمر رئيس الهيئة السياسية لحزب المؤتمر من اجل الجمهورية في تصريح خص به “موقع الشاهد” أن هذه الجبهة الانتخابية ستعمل على خوض الانتخابات التشريعية في قوائم مشتركة وسيكون لديها مرشح مشترك على مستوى الرئاسية. وأفاد المتحدّث بأن الدعوة مفتوحة لبعض الاحزاب الاخرى للانضمام لهذه المبادرة وأن المفاوضات جارية في هذا الصدد لا يمكن استباقها وسيتم عقد ندوة صحفية لإنارة الراي العام بكل المستجدات. تجارب فاشلة وقد عرفت تونس بعد الثورة تشكل جبهات وتحالفات سياسية على غرار جبهة الانقاذ والتقدم وتجربة الاتحاد المدني التي ضمت 11 حزبا من بينها مشروع تونس، إلا أن هذه التحالفات انتهت سريعا دون تسجيل تأثير يُذكر، وهو أمر يفسره الخبراء بغياب الخبرة السياسية لدى غالبية قيادات الأحزاب التونسية، وسيطرة النزعة الفردية عليها والزعاماتية المفرطة، وغياب المؤسسات، ما يجعل أي عمل حزبي مشترك نتاج حالة مزاجية لرؤساء الأحزاب، تتغير بتغير المصالح والأحداث