كانت الصورة البارزة للجبهة الشعبية على أنّها ائتلاف حزبي يساري قومي متماسك ومتجانس في ظلّ مشهد سياسي حزبي متحوّل يميّزه الانشطار والتشتت وتعدد الشقوق داخل الشقّ الواحد. ولكن المفاجأة كشفت للعموم بعد الاختلاف حول مرشّح الجبهة للانتخابات الرئاسية، حين أعلن حزب الوطد الرحوي مرشّحا له، بينما تمسّكت مختلف مكونات الجبهة الشعبية بتقديم الناطق الرسمي للجبهة حمّة الهمامي للانتخابات الرئاسية القادمة. وكشفت الأزمة الأخيرة في الجبهة كواليس صادمة للرأي العام حول ما يحدث داخلها حيث أكّد حزب الوطد في بيان أمس الأحد 16 جوان 2019 أنّ "أمين عام حزب العمال حمه الهمامي أقدم سنة 2013 خلسة على طلب تسجيل شعار الجبهة الشعبية بالمعهد الوطني للمواصفات الملكية الصناعية كملكية فردية خاصة به وليس بصفته مفوضا قانونيا من قبل مختلف مكونات الجبهة الشعبية”. وأكّد حزب الوطد في بيان اليوم الأحد 16 جوان 2019 أنّ "أمين عام حزب العمال حمه الهمامي أقدم سنة 2013 خلسة على طلب تسجيل شعار الجبهة الشعبية بالمعهد الوطني للمواصفات الملكية الصناعية كملكية فردية خاصة به وليس بصفته مفوضا قانونيا من قبل مختلف مكونات الجبهة الشعبية”. وتابع الحزب “حدث هذا أياما معدودات بعيد اغتيال شهدائنا شكري بلعيد ومحمد البراهمي ومحمد بلمفتي وما علمنا بذلك إلا منذ أسابيع قليلة على لسان أحد الأمناء العامين”. وأضاف الحزب في ردّه على ما اسماها ب”افتراءات المجموعة الانعزالية التصفوية” الممضية باسم “مجلس أمناء الجبهة الشعبية" أنّ هذا "سلوك الغدر والمخاتلة والتصميم على الاستيلاء على الجبهة الشعبية ورهنها لفائدة شخص وليس لمناضليها ومناضلاتها ومختلف مكوناتها”. وكان القيادي في حزب الوطد منجي الرحوي قد اتهم في السابق الأمين العام لحزب التيار الشعبي زهير حمدي بمحاولة جرّ الجبهة الشعبية لأجندات إقليمية في إشارة إلى سعي التيار الشعبي المتواصل إلى مناصرة النظام السوري والمحور الإيراني في المنطقة. الرحوي -والذي انتقد بعض قيادات حزب العمال والتيار الشعبي إلى حدّ التهكّم بنعوت فاجأت المتابعين لهذه الأزمة- كان هو الآخر محلّ انتقادات لاذعة منها اتهامه بأنه يعمل من أجل المواقع وأراد أن يتسلّم منصب وزاري في حكومة الشاهد ليشقّ الجبهة الشعبية كما اعتبر عمار عمروسية أن منجي الرحوي لا يُؤتمن على خيار ومستقبل الجبهة. وكان بيان لمجلس الامناء صادر يوم السبت قد أكّد أنّ قيادات من حزب الوطد، “حاولت الانقلاب على الجبهة والسطو عليها”، من خلال إيداع ملف “بشكل سري”، لدى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات يوم 3 جوان الجاري، “يُحوّل الجبهة الشعبيّة من ائتلاف حزبي وشعبي واسع، إلى ائتلاف انتخابي يضمّ حزب الوطد ورابطة اليسار العمالي بمفردهما، ويُقصي أغلبية المكونات المتبقية للجبهة”. ووصفت الجبهة الشعبيّة هذا السلوك، ب”الانقلاب الموصوف غير المقبول أخلاقيا وسياسيا”، معتبرة أنّه فاق كل الخطوات السابقة التي قامت بها قيادات حزب “الوطد”، “وجاء ليكشف طبيعة المخطط الذي ما انفكت تُنفّذه منذ مدّة”. كما ذكرت بأنّ قيادة الجبهة، لم تبادر باتخاذ أي إجراء سياسي أو تنظيمي يمكن أن يمسّ من وحدتها، بعد أن أقدم حزب “الوطد” على تفكيك كتلة الجبهة الشعبية بمجلس نواب الشعب، ومحاولة إعادة تشكيلها بنفس المسمى لإقصاء النواب الستة الذين لا يوافقونه الرأي والتمشي، والمتمسكين بوحدة الجبهة. وشددت على أن مجلس أمنائها يدين السلوك “الانقلابي والتآمري” لحزب “الوطد” ورابطة اليسار العمالي.