كشف حسين الرحيلي خبير في التنمية والتصرف في الموارد انه تم تسجيل 187 انقطاعا للماء على مستوى وطني الى حدود شهر جوان الفارط وهو عدد ضخم ودليل واضح على ان الانقطاعات اصبحت «عادة». الرحيلي اكد في حديثه ل «الصباح» انه رغم وفرة الامطار وانعكاسها ايجابيا على السدود حيث ارتفعت ايراداتها من 932 مليون متر مكعب في 31 ماي 2018 الى 2452 مليون متر مكعب في موفى ماي 2019 مما نتج عنه ارتفاع مخزون المياه من 1040 مليون متر مكعب الى 1811 مليون متر مكعب ويمثل 80 بالمائة من طاقة استيعاب السدود الا ان مسلسل الانقطاعات للمياه انطلق مبكرا أي من قبل شهر رمضان الفارط ليتجاوز المناطق التقليدية التي تشهد مشاكل وندرة في مياه الشرب مثل ولايات قفصة والقيروان والقصرين وتطاوين لتمتد الى ولايات الشمال التي سجلت ايرادات من المياه قدرت ب 2150 مترا مكعبا لتشمل الانقطاعات عدّة مناطق من العاصمة. وفي سياق حديثه ذكّر الخبير في التنمية والتصرف في الموارد ان ولاية توزر شهدت الاسبوع الفارط انقطاعات في المياه رغم ارتفاع درجات الحرارة التي قاربت 48 درجة، مضيفا ان المشكل ليس في ندرة المياه او وفرتها بل في غياب استراتيجية وطنية للتصرف المستدام في الثروة المائية سواء المياه المخصصة للفلاحة او للشرب وقد تبين بالكاشف ان الاشراف المباشر لوزارة الفلاحة على المنظومة المائية لاكثر من ستين سنة اثبت فشله لان الاشكال الهيكلي مرتبط بالتقسيم الاداري للشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه «الصوناد». وكان المرصد التونسي للمياه اصدر في الآونة الاخيرة بيانا اكد فيه الانقطاعات المتواصلة والمتكررة للماء الصالح للشراب مما ساهم في ارتفاع وتيرة الحركات الاحتجاجية التي تزامنت مع تقديم مشروع مجلة المياه في نسخته الجديدة من طرف وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري وسط تغييب متواصل للمجتمع المدني والخبراء والأطراف المتداخلة في مجال المياه. كما ارجع المرصد الانقطاعات الى ترديّ الخدمات المرتبطة بالمياه وغياب استراتيجية وطنية ناجعة لحوكمة هذه الموارد وعشوائية التصّرّف فيها، منبها من أنّ هذه الصائفة لن تختلف عن سابقاتها بخصوص أزمة العطش التي شهدتها تونس في السنوات الماضية خصوصا في ظلّ غياب الجدية والإرادة من وزارة الإشراف والشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه للحيلولة دون تفاقم هذه الأزمة. العطش يضرب "مدينة المياه" اهالي عمادة عين عسكر من معتمدية بير مشارقة بولاية زغوان توجهوا امس بنداء لكل السلط للتدخل في الموضوع ووضع حد للانقطاعات المتكررة للمياه ولمعاناة أهالي العمادة من اجل الحق في الماء. ويذكر ان عمادة عين عسكر من معتمدية بير مشارقة بولاية زغوان تعيش منذ سنوات على سلسلة متواصلة من الانقطاعات المتكررة للمياه دون اعلام مسبق ولفترات طويلة خاصة اثناء الفترة الصيفية. وقد تحرك متساكنو عين عسكر على جميع الجهات من اجل الحق في الماء وتواصلوا مع السلط المركزية والجهوية والمحلية وممثلي الشركة التونسية لتوزيع المياه ورغم الوعود المتكررة لكن دون جدوى. مما دفع الأهالي للقيام بتحركات احتجاجية منذ السنة الفارطة وللأسف تعرض اثرها عديد المواطنين لملاحقات قانونية رغم سلمية التحركات مما عمق ازمة الأهالي نتيجة الظروف الاجتماعية الصعبة. غياب الصيانة.. وتطرح مسالة صيانة قنوات المياه المتآكلة مع مرّ السنوات اكثر من مشكل حيث افاد الخبير الذي اشرف على دراسة حول الماء والعدالة الاجتماعية في منطقة الحوض المنجمي أن «الصوناد» توارثت قنوات مياه منذ سنة 1984 لم يتم تجديدها رغم ان عمر هذه القنوات مرتبط اساسا بنوعية الماء ودرجة الملوحة ومن الضروري تجديدها كل 10 او 15 سنة. وحسب الرحيلي فان 60 بالمائة من قنوات المياه في تونس مهترئة واغلبها لازال بنفس الحجم والسعة رغم تزايد عدد السكان اضافة الى ان 22 من المياه المعدة للفلاحة مهدورة بسببب التبخر وانفجار القنوات، داعيا «الصوناد» الى تأمين الاعتمادات اللّازمة للصيانة الاستباقية للمنشآت المائية والشبكات المهترئة بكامل جهات البلاد خصوصا المعطشة منها. مجلة المياه و"تأبيد" المشاكل وفي تقدير الخبير فان مجلة المياه تمت صياغتها بنفس عقلية «المركز» دون تشريك المواطن والمجتمع المدني والسلط المحلية لذلك فهي ستعيد انتاج نفس المشاكل التي انتجتها مجلة 1975 لأنها لم تغادر نفس تصورات سابقتها بمعنى انها «ستؤبدّ» نفس المشاكل والنقائص. "احتجاجات" و"اعتداءات" وفي علاقة بانقطاع الماء سجلت وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري منذ ايام قليلة حادثة اعتداء على قناة جلب مياه جلمة - سبيطلة في اتجاه سيدي بوزيد (قطر 800 مم) من قبل بعض المنحرفين مما انجر عنه تسجيل اضطراب وانقطاع في توزيع الماء الصالح للشرب بالمناطق التالية: جلمة، السبالة، البريج، سيدي بوزيد، أولاد حفوز، الفايض، الخشم، فطناسة، السعيدة والرقاب. وأعلمت الوزارة انه تم تسخير فرق صيانة من الولايات المجاورة للسهر على إصلاح هذا العطب وان هذه الفرق ستعمل بشكل متواصل دون انقطاع حتى يتم إرجاع الماء الصالح للشرب للمتساكنين. كما أدانت وزارة الفلاحة هذا العمل الإجرامي الذي تكرر للمرة الثانية على التوالي وفي ظرف أسبوع بنفس المنطقة، وأعلنت رفع شكاية في الغرض من قبل الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه لتتبع الاطراف المسؤولة عن هذا العمل التخريبي. يذكر أن عددا من متساكني معتمدية جلمة قاموا بتهشيم جزء من شبكة توزيع المياه في اتجاه عدد من مناطق ولاية سيدي بوزيدوالولايات المجاورة خلال احتجاجات شهدتها مدينة جلمة للمطالبة بتوفير مياه الشرب. وفي هذا الإطار أفاد كاتب الدولة المكلف بالموارد المائية والصيد البحري عبد الله الرابحي امس خلال استضافته في برنامج «اكسبراسو»، بأنه تم اتخاذ كل الإجراءات اللازمة وأن القضاء سيأخذ مجراه. وبخصوص مشكل التزود بالماء بمعتمدية جلمة، افاد كاتب الدولة أنه تمت برمجة مشاريع وتخصيص اعتمادات تناهز 3.6 مليون دينار من قبل رئاسة الحكومة و3 مليون دينار من المجلس البلدي. جهاد الكلبوسي