أثار الفيلم الوثائقي الّذي بثته قناة “العربية” السعودية، التي مقرها في دولة الإمارات، بعنوان “غرف سوداء.. عودة التنظيم السري لحركة النهضة”، جدلاً على مواقع التواصل الاجتماعي. وأعرب نشطاء تونسيون عن استنكارهم من تدخل جهات أجنبية في قضايا تونسية حسّاسة معروضة على القضاء التونسي، فيما لم يستبعد آخرون النوايا السيئة لبعض بلدان الخليج التي دأب إعلامها على مهاجمة تونس بعد ثورة 14 جانفي وخصوصا حركة النهضة، خوفاً من النموذج الديمقراطي الذي قد يُلهم شعوبهم ويطيح بعرشهم. وجاء توقيت بث الشريط في أوج الحملات الانتخابية التي وضعت هيئتا الانتخابات والاتصال السمعي البصري معايير واضحة لدور الإعلام الأجنبي في تغطيتها، تجنّبا لأي تأثير من أجندات خارجية. وكتب الباحث سامي براهم على صفحته الخاصة بموقع التواصل الاجتماعي “فايسبوك”: “متى تنجز قناة العربيّة تقريرا استقصائيّا عن مقتل مواطنها الخاشقجي وتقطيع جسده بالمناشير في قنصليّة بلده وتكشف لنا عن مكان دفن الأجزاء المقطّعة من جسده والمتورّطين في هذه الجريمة البشعة والأجهزة والغرف التي تقف وراءها؟ بعد أن تقوم بدورها كاملا في ذلك يمكن أن تتكرّم وتتفرّغ لقتلى دول أخرى والكشف عن المتورّطين في قتلهم.” وتابع قائلا “من المخجل حقّا أن يطمع تونسيّون في كشف حقيقة جريمة وقعت على أرض بلدهم عن طريق قناة ساهمت في طمس حقيقة أبشع جريمة ارتكبتها الأجهزة الرسميّة للدّولة بحقّ الصّحافة والصّوت الإعلامي الحرّ..” وقُتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي أكتوبر الماضي داخل قنصلية بلده بتركيا، وقد أنكرت السلطات السعودية أية صلة لها بحادثة الاختفاء وقالت إن الصحفي خرج بعد 20 دقيقة من وصوله، ثم توالت الروايات والمتضاربة والتبريرات، إلى أن اضطرت الرياض أمام الضغط والتنديد الدوليين للاعتراف بمقتل خاشقجي داخل القنصلية، ونسبت الجريمة إلى أشخاص تصرفوا دون علم السلطات في السعودية. وواجهت السعوديَّة إثر اغتيال الصحفي السعودي المعارض، انتقادات حقوقية واسعة من طرف المنظَّمات الحقوقية والمنتظم الدولي، وتتواصل إلى اليوم، بعد إدانة السعوديَّة من طرف عدد من دول مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتَّحدة، على خلفية نفس الجريمة وانتهاكات حقوق الإنسان في البلاد. وقرّرت حركة النّهضة مقاضاة قناة العربية السعودية، وقالت النائبة عن الحركة فريدة العبيدي، في فيديو نشر على الصفحة الرّسمية للحركة ب “فيسبوك”: إن “النهضة ممثلة في مكتبها القانوني، قررت اتخاذ الإجراءات القانونية من أجل مقاضاة قناة العربية بعد بثها وثائقيا حول التنظيم السري المزعوم”. وأضافت “النهضة تعتبر ما ورد في الوثائقي كذبا وافتراءً وتدخلا في الشّأن الداخلي لتونس..”. ولفتت إلى أن “الغاية منه تشويه حركة النّهضة في وقت تعيش فيه تونس على وقع حملة انتخابية وهو يهدف لتوجيه سلوك الناخبين وإرادتهم من أجل عدم التصويت لها”.