تشير كل التوقعات إلى أن المشهد البرلماني المقبل سيكون فسيفسائيا خاصّة بعد رفض إدراج عتبة انتخابية ب5% ابتداء من الانتخابات التشريعية الحالية، الشيء الذي سيجعلنا في المرحلة القادمة أمام برلمان مشتّت. ومن المرجح أن يتحصل حزب قلب تونس على أكبر كتلة برلمانية تليه حركة النهضة التي أعلنت أنها ستكون في المعارضة في حال عدم حصولها على المرتبة الأولى، لكنّ استطلاعات الرأي تشير إلى أنّ “قلب تونس” قد يحصل على نسبة تناهز 22 أو 23 بالمائة تليه حركة النهضة ثم ائتلاف الكرامة، وبالتالي فإن نتائج الانتخابات يمكن أن تؤدي إلى منع الفائز المحتمل “قلب تونس” من تشكيل حكومة باعتبار ضعف الكتل السياسية المتوقع تحالفها معه، نظرا لاختيار النهضة المعارضة ولضعف الكتل البرلمانية التي تساند قلب تونس. فهل أن حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات مبكرة وفق ما يقتضيه الفصل 89 من الدستور وارد؟ أكد أستاذ القانون الدستوري والمحلّل السياسي جوهر بن مبارك أن الفرضية واردة لكن ليس بصورة مباشرة، بمعنى أنه إذا استحال تشكيل حكومة بعد الإجراءات التي ينص عليها الفصل 89 يمكن لرئيس الجمهورية أن يحل البرلمان. وأشار بن مبارك في تصريح لموقع “الشاهد” إلى وجود تمش اجرائي ينطلق بتكليف رئيس الجمهورية مرشح الحزب أو الائتلاف الفائز بأكبر عدد من المقاعد باقتراح مرشح لرئاسة الحكومة يتم تكليفه من قبل رئيس الجمهورية لتشكيل الحكومة في أجل شهر قابل للتجديد مرة واحدة أي في أقصى الحالات شهرين. وأضاف أستاذ القانون الدستوري أنه في حال مرور الشهرين ولم يتمكن رئيس الحكومة من تشكيل الحكومة أو لم يتحصل على التصويت بالثقة من الأغلبية البرلمانية “109 صوت”، يقوم رئيس الجمهورية بتعيين الشخصية الأقدر على تشكيل الحكومة أي أن المسألة تصبح غير مرتبطة بالحزب أو الائتلاف الفائز في التشريعية. كما أوضح أن الدستور يمهل “الشخصية الأقدر المكلفة” شهرا لتشكيل الحكومة والحصول على الأغلبية البرلمانية، وإذا تم تجاوز 4 أشهر ولم تتشكل الحكومة إما لعجز المكلفين عن تشكيلها أو عدم حصولهم على الأغلبية المطلوبة يمكن لرئيس الجمهورية حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات سابقة لأوانها. وشدد بن مبارك على أن الفرضية واردة لكن تسبقها العديد من المراحل وفي الأثناء تواصل الحكومة الحالية السهر على تسيير البلاد. تجدر الإشارة إلى أن الفصل 89 من الدستور ينص على أنه: “في أجل أسبوع من الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات، يكلف رئيس الجمهورية، مرشح الحزب أو الائتلاف الانتخابي المتحصل على أكبر عدد من المقاعد بمجلس نواب الشعب، بتكوين الحكومة خلال شهر يجدّد مرة واحدة. وفي صورة التساوي في عدد المقاعد يُعتمد للتكليف عدد الأصوات المتحصل عليها. عند تجاوز الأجل المحدد دون تكوين الحكومة، أو في حالة عدم الحصول على ثقة مجلس نواب الشعب، يقوم رئيس الجمهورية في أجل عشرة أيام بإجراء مشاورات مع الأحزاب والائتلافات والكتل النيابية لتكليف الشخصية الأقدر من أجل تكوين حكومة في أجل أقصاه شهر. إذا مرت أربعة أشهر على التكليف الأول، ولم يمنح أعضاء مجلس نواب الشعب الثقة للحكومة، لرئيس الجمهورية الحق في حل مجلس نواب الشعب والدعوة إلى انتخابات تشريعية جديدة في أجل أدناه خمسة وأربعون يوما وأقصاه تسعون يوما”.