عبّرت جريدة لوموند الفرنسية عن موقف أوروبي واضح من فوز قيس سعيد برئاسة الجمهورية، وتضمّنت افتتاحية الصحيفة أول أمس الاثنين 14 اكتوبر عن تحفظات الغرب تجاه قيس سعيد ومنها موقفه الرافض للاعتراف بالمثلية الجنسية في الفضاء العام وكذلك رفضه للمساواة في الميراث. كما أشارت الصحيفة إلى موقف سعيد الذي يعتبر “التطبيع” خيانة عظمى، ورأته محرجا للدولة التونسية في علاقاتها بالغرب. وفي ما يلي ترجمة لنص الافتتاحية: “احتشد الشباب التونسي لصالح الفقيه الدستوري من دعاة الثورة المؤسساتية والمحافظة الأخلاقية والدينية وسيادة دبلوماسية. وقرّرت تونس بهدوء من خلال صناديق الاقتراع استكمال ثورتها التي كانت “عالقة” في السنوات الأخيرة.. درس الانتخابات الرئاسية التي أجريت يوم الأحد 13 أكتوبر الجاري يجب الاحتفاظ به: الانتصار الساحق لقيس سعيد ذو ال 61 سنة وأستاذ القانون الدستوري هو بمثابة نسخة زلزال الربيع العربي لسنة 2011. وحسب التقديرات الأولية لنتائج الانتخابات، فإن قيس سعيد تحصّل على ما يقارب ال 77% من أصوات الناخبين من بينهم أصوات الشباب الطامح للتغير… الانتصار دون استئناف. بعد أكثر من ثماني سنوات من سقوط دكتاتورية زين العابدين بن علي، تبرز مقدمة “لموجة الربيع العربي”، فتونس تحظى برئيس دولة يدعو إلى تفعيل مطالب ثورة 2011 والعدالة الاجتماعية وأخلقة الحياة العامة و”السلطة للشعب”. ويمكن قراءة الحدث من جوانب مختلفة، فنلاحظ مسار الديمقراطية في تونس بدأ ينضج، كما أن الانتخابات التشريعية التي أجريت في 6 أكتوبر والانتخابات الرئاسية بجولتيها الأولى والثانية 15 سبتمبر و13 أكتوبر تمت دون تسجيل أي إخلال بالنظام العام أو تزوير، إلى جانب تأمين مناظرة تلفزية جمعت بين المتنافسين على غرار سائر الديمقراطيات الغربية القديمة. ويعتبر إيقاف المرشح للرئاسية في دورها الثاني نبيل القروي يوم 23 أوت بتهمة التهرب الضريبي وغسيل الأموال الجانب السلبي الوحيد في الانتخابات الرئاسية التونسية. لم يتمكن القروي من القيام بحملته الانتخابية حتى تم إطلاق سراحه يوم 9 أكتوبر لكن ظهوره في المناظرة التلفزية مع منافسه قيس سعيد يبدو أنه لم يقنع الناخب، والفرق الأخير بين 45 و50 نقطة بين المتنافسين لا يترك أي مجال للشك في اختيار التونسيين. انتخاب قيس سعيد محفوف بالأسئلة فقد دعا رئيس تونس المنتخب إلى ثورة مؤسساتية ينقلب فيها هرم الحكم من المركز الى المحلي ويعوض فيها انتخابات مجلس النواب بانتخابات مجالس محلية، وكان أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد قد اقترح “مبادرة التأسيس الجديد للخروج من الأزمة” يتم بموجبها إنشاء مجلس وطني تشريعي منتخب من نواب محليين من داخل الجهات. ومن بين الأشياء الأخرى التي تبعث على الحيرة هو أن سعيد رجل محافظ دينيا وأخلاقيا كما أنه لا يخفي رفضه لإلغاء تجريم المثلية الجنسية والمساواة بين الرجل والمرأة في الميراث. قناعات كهذه الى جانب وجود حزب النهضة الإسلامي في البرلمان سيجبر التقدميين “الأقلية” على الوقوف في صف المعارضة. وفي الختام فإنّ سياسة قيس سعيد المستمدة من القومية العربية والتي تصنّف كل تعاون مع اسرائيل خيانة عظمى ستوتر العلاقات بين تونس وشركائها الغربيين، وسيتعين على أوروبا التعامل مع تونس الجديدة التي ربما تخيلتها من خلال منظور نموذجها الليبرالي. ومن المؤكد أن قيس سعيد ليس المرشّح المثالي لها لكنه يعبر بوضوح عن تطلعات غالبية التونسيين”.