منذ أن حلّ ركبها بمجلس نواب الشعب بفضل الانتخابات الحرّة والديمقراطية التي جرت في بلادنا في شهر أكتوبر الماضي، والتي لم تعهدها في زمن عهد النظام البائد، يعلو صوت رئيسة كتلة الحزب الدستوري الحرّ لتصدر منها نزعة استئصالية إقصائية ترنو إلى إعادة تأجيج الصراع حول الهويّة الذي دأبت عديد الأطراف المحسوبة على الثورة المضادة منذ فترة الانتقال الديمقراطي وإلى اليوم على افتعاله وذلك بغاية زعزعة الاستقرار السياسي في البلاد. وتعمل موسي منذ انطلاق العهدة النيابية، على التغريد بشكل منفرد، حيث شرعت في تقسيم القوى السياسية داخل البرلمان بناءً على تصنيفات إيديولوجية، مُظهرة لا عداءها فقط لحركة النهضة التي جاهرت به مرارًا بل أيضا عداءها للأحزاب الاجتماعية الوسطية التي تعدّ في خطّ الثورة وممثلة داخل البرلمان على غرار التيار الديمقراطي وأيضا ائتلاف الكرامة. خطاب استئصالي وفي هذا الصدد، شدّدت عبير موسي، خلال مشاركتها في برنامج “ميدي شو” بإذاعة “موزاييك”، أمس الأربعاء، على أن الأحزاب المصنفة ديمقراطية وتقدمية (في إشارة إلى حزبي التيار وحركة الشعب) التي ستشارك في “حكومة الإخوان” فقد خانت بذل البلاد، قائلة ”اللي بش يقعد يتعامل معاهم فقد خان قضية تونس”. وبلهجة تحقيرية قالت موسي إن ”تنظيما سياسيا يدعو إلى سجن نواب لأنهم نفّذوا اعتصاما، كلام لم نسمعه من أي تجمعي قبل الثورة حين اعتصموا لأسابيع في دار المحامي”، وذلك في إشارة إلى ائتلاف الكرامة الذي دعا إلى تطبيق القانون ومنعها ونوابها من تعطيل أشغال البرلمان أثناء تنفيذها وأعضاء كتلتها اعتصاما تحت قبة البرلمان، الأسبوع الماضي. وفي تناقض مع كل ما أدلت به من تصريحات معادية لأي نفس ديمقراطي في البلاد، أضاف موسي قائلة، بلهجة إقصائية استئصالية: ”أنا من أراهن على الانتقال والديمقراطية.. من غير إخوان وإسلام سياسي ومن غير فوضويّين يحبوا يهدموا الدولة”، وفق تعبيرها. وتتوهّم موسي أن حزبها “الدستوري الحرّ”، سليل حزب التجمّع الدستوري المنحّل إبّان الثورة، يخوض معركة تحرير وطنية لا تقل شرفا عن معركة تحرير البلاد، وفق تعبيرها. معاداة أحزاب الثورة ولم تطل نيران موسي فقط حزب النهضة وائتلاف الكرامة، بل تجاوزتهما لتوجّه سهام النقد إلى حزب التيار الديمقراطي، وتحديدا النائبة سامية عبّو، حيث انتقدت موسي تصريحات عبو التي قالت فيها إن “موسي قد أثبتت في كل مرّة أنها كلوشارة”. وقالت موسي، في هذا السياق: “نحن نتعامل مع التنظيم الأصلي والذيول والمكلفين بمهمة بالوكالة لا نتعامل معهم… هاذم تنظيمات موش مشمولين باللي صار ودافعوا عن تنظيم الإخوان أكثر من الإخوان أنفسهم”. وكانت النائبة عن حزب التيار سامية عبو قد اتهمت عبير موسي بتعطيل أشغال المجلس في ظرف حساس، وذلك اثر اعتصام كتلتها بمقر البرلمان. يبدو أن موسي لا تفتعل العداء مع كلّ هذه الأطراف السياسية داخل البرلمان بناء على أساس إيديولوجي فقط بقدر ما هو رفض لكلّ مشهد ديمقراطي تعدّدي يضم أكثر من حزب وأكثر من فكر وتوجّه سياسي، وهي العائدة من زمن الحزب الواحد والصوت الواحد الذي كان لا يتوانى في قمع كل صوت معارض. تمويلات خارجية رئيس كتلة حركة النهضة نور الدين البحيري اتّهم رئيسة كتلة الدستوري الحر بتلقي دعم وتمويلات خارجية من دولة الإمارات. وقال البحيري، خلال استضافته في برنامج “رونديفو9” على قناة التاسعة مساء أمس، إن موسي أجبرت على فضّ الاعتصام لأن بعض نواب الكتلة رفضوا ما أتته واصفا أن ما أتته هذه الأخيرة هو تحرك “إجرامي” رفضه مجموعة من قيادات الحزب في البرلمان، الذين قاطعوا هذا الاعتصام لتبقى برفقة 6 نواب فقط من بين 17 نائب. وشدّد البحيري على أن موسي تتلقى دعما وتمويلات خارجية من الإمارات، ولعلّ وسائل الإعلام الأجنبية التي غطت اعتصامها لحظة بلحظة وأظهرته عمل بطولي خير دليل على ذلك، وفق قوله. يامنة سالمي