من المنتظر أن يعلن رئيس الحكومة المكلّف الحبيب الجملي خلال الساعات القادمة وتزامنا مع حلول السنة الإدارية الجديدة 2020، عن تركيبة حكومته الجديدة، ثمّ عرضها على رئيس الجمهورية قيس سعيّد الذي يتولّى عرض التشكيلة الحكومية على أنظار البرلمان لتحديد موعد جلسة عامّة لنيلها الثقة بعد عرض الجملي بيانه الحكومي وتشكيلته الوزارية وبرنامجه الاقتصادي. وتشير توقّعات خبراء الاقتصاد في تونس بأن كلّ المؤشرات تفيد بأن الأولويات والتحديات أمام حكومة الحبيب الجملي في عام 2020 ستكون تحديات اقتصادية ومالية بامتياز. مراجعة الميزانية وفي هذا السياق، أكّد الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان، في تصريحات إعلامية، ضرورة أن تقوم الحكومة القادمة بإعادة النظر في ميزانية 2020، التي لا تعكس أي سياسة مالية، حسب رأيه. وقال سعيدان إن التحديات المطروحة أمام الحكومة الجديدة تكمن في مراجعة الميزانية وطرح مشروع ميزانية جديد على البرلمان يعكس سياسة الحكومة الجديدة التي يجب أن تتضمن برنامج إنقاذ اقتصادي ومالي. سنة استرداد الديون وتُنبئ كل المؤشرات الاقتصادية بأن سنة 2020 ستكون سنة التحديات الاقتصادية وسنة صعبة اقتصاديا وماليا على بلادنا، وهو ما يعني تفاقم حجم التحديات التي ستجابهها الحكومة القادمة خصوصا وأنّ تونس مطالبة خلال العام المقبل بسداد 12 مليار دينار من خدمة الدين الخارجي في حين أنها ستقترض فقط 11.7 مليار دينار، وفق قانون المالية لسنة 2020، بما يعني أن ما ستقترضه لن توجّهه للتنمية والاستثمار بل لن يكفي حتى لخلاص الديون. وأمام هذا الوضع، يُشكّك خبراء الاقتصاد في قدرة تونس على الإيفاء بالتزاماتها المالية الخارجية خلال السنة المقبلة، معتبرين أن هذا الأمر قد يُفقدها أهم مكسب على المستوى المالي الدولي المتمثل في أنها لم تتأخر في السابق يوما واحدا في الإيفاء بالتزاماتها الدولية. التزامات مع النقد الدولي وما يزيد من حجم التحدّيات المالية المطروحة على الحكومة القادمة، هو قرار صندوق النقد الدولي الأخير، في أواخر شهر ديسمبر، والمتعلّق برفض صرف مبلغ 1.2 مليار دولار (أي ما يمثل 4 مليارات دينار) لتونس ضمن الدفعتين السادسة والسابعة من قرض كامل متّفق عليه منذ سنة 2016 شريطة استكمال الإصلاحات المطلوبة. وكان صندوق النقد الدولي قد برّر هذا القرار بعدم قيام الدولة التونسية بالإصلاحات المطلوبة المتفق عليها، بحسب ما صرح به ممثل صندوق النقد الدولي في تونس جيروم فاشير، وهو ما يعني أن تونس تدخل العام الجديد دون أن تضمن أي بداية وعود لتعبئة الموارد الخارجية التي تحتاجها والمقدرة بقرابة 12 مليار دينار، بحسب ما جاء في قانون المالية لسنة 2020. وكان محافظ البنك المركزي التونسي مروان العباسي قد قال في تعليقه على قرار صندوق النقد الدولي بخصوص منح ما تبقى من القرض المتفق عليه منذ عام 2016، إن تونس تمكنت من إنجاز عديد الإصلاحات المتفق عليها وأخرى لم تتم بعد، مؤكّدا أن تونس وصندوق النقد الدولي سيشرعان في الفترة القادمة في مناقشة برنامج جديد. وشدّد محافظ البنك المركزي على أن كل النقاط والأهداف واضحة بالنسبة إلى وزارة المالية والبنك المركزي، موضّحا أنه ليس هناك أي إشكال في علاقة بالمقاييس النوعية المطالبة بها تونس. ومن المرتقب أن يقوم صندوق النقد الدولي بزيارة جديدة عقب تشكيل الحكومة الجديدة للتفاوض على الإصلاحات التي يجب أن تستكملها تونس. حجم كبير للقروض يذكر أن دائرة المحاسبات ذكرت في تقريرها الصادر، في شهر مارس الماضي، أن تونس ستكون بحلول 2020 و2021 مطالبة بسداد ديون 123 قرضا خارجيا حصلت عليها ما بين 2012 و2016. وقدّر التقرير المذكور قيمة سداد هذه القروض بألف مليون دولار سنويا، متسائلا عن مدى جاهزية قانون المالية لسنة 2020 لتحدي هذه المصاعب خاصة أن كل المؤشرات الاقتصادية والوضعية المالية مازالت صعبة ولم تشهد تحسّنا كبيرا. وتوقع قانون المالية لسنة 2020 أن يتجاوز حجم الدين العمومي 94 مليار دينار في 2020، أي 74 بالمائة من الناتج الإجمالي الخام، مقابل 75 بالمائة سنة 2019 (86.2 مليار دينار) حسب مشروع ميزانية 2020. ويتوقّع قانون المالية للسنة المقبلة نسبة نموّ في حدود 2.7 بالمائة مقابل 1.4 بالمائة متوقعة مع نهاية 2019. وقُدّرت ميزانية الدولية لسنة 2020، 47.227 مليار دينار.